وزعموا أن الكفر بالله هو الجهل به، وهذا قول يحكى عن الجهم بن صفوان، وزعمت الجهمية أن الإنسان إذا أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه أنه لا يكفر بجحده، وأن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل أهله فيه، وأن الإيمان والكفر لا يكونان إلا في القلب دون الجوارح.
* الفرقة الثانية: يزعمون أن الإيمان بالله هو المعرفة فقط والكفر هو الجهل به فقط، فلا إيمان بالله إلا المعرفة به، ولا كفر بالله إلا الجهل به وأن قول القائل إن الله ثالث ثلاثة ليس بكفر ولكنه لا يظهر إلا من كافر، وذلك أن الله كفر من قال ذلك وأجمع المسلمون أنه لا يقوله إلا كافر، وزعموا أن معرفة الله هي المحبة له وهي الخضوع لله.
وأصحاب هذا القول لا يزعمون أن الإيمان بالله إيمان بالرسول، ويقولون إنه لا يؤمن بالله إلا من آمن بالرسول، ليس ذلك لأنه مستحيل ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (من لم يؤمن بي فليس بمؤمن بالله) ، وزعموا أيضا أن الصلاة ليست عبادة لله وأنه لا عبادة إلا بالإيمان به، والإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص وهو خصلة واحدة وكذلك الكفر، والقائل بهذا القول أبو الحسين الصالحي.
*الفرقة الثالثة: يزعمون أن الإيمان بالله هو المعرفة به والخضوع له، وهو ترك الاستكبار عليه والمحبة لله، فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن، وزعموا أن إبليس كان عارفا بالله غير أنه كفر باستكباره على الله، وهذا قول قوم من أصحاب يونس السمري.
* الفرقة الرابعة - وهم أصحاب أبي شمرو يونس ـ: يزعمون أن الإيمان بالله والمحبة له والخضوع له بالقلب والإقرار به أنه واحد ليس كمثله شيء ما لم تقم عليه حجة الأنبياء، وإن كانت قد قامت عليه حجة الأنبياء فالإيمان الإقرار بهم والتصديق لهم والمعرفة لما جاء من عند الله عنهم داخل في الإيمان.
ولا يسمون كل خصلة من هذه الخصال إيمانا ولا بعض إيمان حتى تجتمع هذه الخصال، فإذا اجتمعت سموها إيمانا لاجتماعها، وجعلوا ترك كل خصلة من هذه