فهرس الكتاب
الصفحة 58 من 393

وقال له رجل - وقد روى الشافعي رحمه الله حديثا - أتأخذ بهذا يا أبا عبد الله؟

فقال رحمه الله: أرأيت في وسطي زنارا؟ أتراني خرجت من كنيسة؟ أقول لك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول لي أتقول بهذا، وارتعد الشافعي رحمه الله واصفر لونه، وقال: ويحك أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ولا أقول به، نعم على العين والرأس.

فهذه سنة الأوائل المهديين التسليم والقبول المطلق، لا كما يفعله من يسمونهم بالأئمة المجددين في زماننا هذا، الذين يعرضون الشرع على أهوائهم ولا يقبلون منه إلا ما وافق مصلحتهم.

بل ويصفون المتبعين للسلف بالجمود والتخلف وعدم فهم روح الشريعة، ويظنون أن التجديد يكون في ترك ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من ربه.

ولا يضر أهل الحق ما يصفهم به هؤلاء المبطلون، فإن سنة الله الماضية أنه يجعل في كل زمانٍ شياطين من الإنس يصدون الناس عن الحق، ويزينون لهم الباطل ويلبسونه ثوب الحق، كما قال تعالى في كتابه الكريم {وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً من المجرمين} [1] وقال تعالى {شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} [2] .

ويجب على أهل الحق أن يتمسكوا بما هداهم الله تعالى إليه من الحق، وأن يعتصموا بكتاب ربهم وبما ثبت من سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وإن وصفهم الناس بما قد يكرهونه من الصفات، ولهم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسوة وقدوة حسنة في ذلك.

فقد وُصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه ساحر وبأنه كاهن وبأنه مجنون إلى غير ذلك من الصفات القبيحة التي تصد الناس عن دين الله تعالى، ولكن ما صده ذلك السب

(1) سورة الفرقان، الآية: 31.

(2) سورة الأنعام، الآية: 112.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام