فآمنوا بما أخبر الله به في كتابه وأخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتلقوه بالتسليم والقبول، ولم يلتفتوا إلى شبه الفلاسفة والملحدين، أو أهل الزيغ والضلال، فهم الوسط بين الطوائف والأمم، وهم قمم الهدى ومصابيح الظلام.
من سلك سبيلهم واتبع منهجهم فهو الناجي من الضلال والغي بإذن الله تعالى، ومن تنكب طريقهم ضل عن الحق والهدى وتلقفته الأهواء.
فالواجب إنما هو كمال التسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - والانقياد لأمره، دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولا أو نحمله شبهة أو شكا، أو نقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم أو نوقف تنفيذ أمره والعمل بسنته حتى نعرضها على عقول الرجال كما يفعل ذلك المقلدون.
فالواجب أن نفرده - صلى الله عليه وسلم - بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، ولا نوقف تنفيذ أمره وتصديق خبره لعرضه على قول شيخ أو إمام كائنا من كان، وأن نعتصم بصراط الله المستقيم وحبله المتين ولا نتفرق في ديننا كما تفرق أهل الكتابين من قبلنا، قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [1] .
وقال تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم * يوم تبيض وجوهٌ وتسودُ وجوهٌ} [2] .
وقد ورد في الأثر: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة والائتلاف وتسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف.
وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى: أجمع الناس على أن من استبانت له سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس، ومثل هذا مروي عن الأئمة الأعلام رحمهم الله أجمعين.
(1) سورة آل عمران، الآية: 103.
(2) سورة آل عمران، الآية: 105.106.