فهرس الكتاب
الصفحة 53 من 393

وكلام القاري هذا محمول على وجود وجه شرعي معتبر على عدم تكفير المسلم من جهل أو إكراه أو تأويل يعذر به، وإلا فإن الله تبارك وتعالى قد رد أعذار أقوام قد وقعوا في الكفر والمعصية، ولم يقبلها منهم.

قال تعالى {ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلُ أُولئك كان عنه مسئولا} [1] . وقال تعالى {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} [2] . وقال تعالى {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني، ألا في الفتنة سقطوا} [3] ، إلى غير ذلك من الآيات التي رد الله تعالى فيها الاعتذار بالأهل والعشيرة والوطن.

ومنها الآية التي يسميها العلماء آية الأعذار الثمانية، والمقصود آية إبطال الأعذار الثمانية، وهي قوله تعالى {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتيَ اللهُ بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} [4] .

وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على هذه الأعذار وبيان المقبول منها من غير المقبول في البابين الثامن والتاسع.

ومثل ما يقال في كلام القاري هذا يقال أيضا في كلام ابن عابدين حيث قال رحمه الله: قال في الفتاوى الصغرى: والكفر شيءٌ عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر.

وفي الخلاصة وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنعه، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم، زاد في

(1) سورة التوبة، الآية: 94.

(2) سورة التوبة، الآية: 65، 66.

(3) سورة التوبة، الآية: 49.

(4) سورة التوبة، الآية: 24.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام