البزازية: إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل.
والذي تحرر أنه لا يُفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن، أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة. اهـ [1] .
وقوله إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر محمول على ما لم يكن صريحا من الأقوال والأفعال، فإن ألفاظ الكنايات والأفعال المحتملة - غير الصريحة - إما أن تلحق بالصريح إذا عُلمت نية المتكلم أو تهدر، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في حكم السب غير الصريح في الباب الخامس.
هذا ولا يجوز الاحتجاج بمثل هذا الكلام على المنع من تكفير فاعل أو قائل الكفر مطلقا بغير ما ذكرناه سابقا مجملا من الشروط والقيود، كما يفعل ذلك من قل نصيبه من العلم، لأن ذلك سيهدر أبوابا عظيمة من فقه المسلمين، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على هذه الشروط والقيود في مسائل الإكراه والتأويل والجهل.
ومن راجع حاشية ابن عابدين نفسه وجد الدليل على صحة ذلك، فقد ذكر فيها كثيرا من الأقوال والأفعال المكفرة وجزم بذلك مع أنه قد يكون فيها خلافٌ بين العلماء.
فالواجب في هذا الباب إنما هو التحرز من تكفير المسلم الذي ثبت إسلامه بيقين بغير دليل قوي صحيح أو برهان مرضي، وقد سبق بيان ذلك والله تعالى أعلم.
(1) رد المحتارعلى الدرالمختارالمعروف بحاشية ابن عابدين ج 4/ 224. ط دارالفكر.