حكما ولم يردوا على الله أمرا، كما جاء ذلك عن بعض أهل الضلالة في هذا العصر.
والطائفة الثانية التي يُذم منهجها في هذا الباب هم الذين يتجرءون على تكفير المسلم بكل ذنب، وهم الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم.
ويدخل في عداد هؤلاء من يسارعون إلى تكفير المسلمين دون البحث في شروط التكفير وموانعه، وسيأتي إن شاء الله تعالى الرد عليهم وبيان فساد مذهبهم في عدة مواضع.
والواجب في هذا الباب هو التورع عن تكفير المسلم بغير بينة واضحة وبرهان صحيح، فإذا وقع من المكلف كفر أكبر واكتملت شروط التكفير وانتفت موانعه فالحق والصواب تكفيره موافقة للأدلة التي تقضي بذلك، وإن التورع عن تكفيره والحالة هذه إنما هو ورع كاذب.
قال ابن تيمية رحمه الله: إذا تبين ذلك فاعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي مسائل الأسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا.
فإن الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين وحرم الجنة على الكافرين، وهذا من الأحكام الكلية في كل وقت ومكان. اهـ [1]
وقال ابن تيمية أيضا: فإن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم مُحدَث، ولا كالخطأ في غيره من الأسماء، إذ كانت أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق. اهـ [2]
وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: وهذه المسائل - أعني مسائل الإسلام والإيمان والكفر والنفاق - مسائل عظيمة جدا، فإن الله عز وجل علق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة واستحقاق الجنة والنار، والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه
(1) مجموع الفتاوى ج 12/ 468.
(2) مجموع الفتاوى ج 7/ 395، وراجع ج 13/ 58.