فهرس الكتاب
الصفحة 50 من 393

فالناس فيه - في جنس تكفير أهل المقالات والعقائد الفاسدة المخالفة للحق الذي بعث الله به رسوله في نفس الأمر أو المخالفة في اعتقادهم - على طرفين ووسط:

فطائفة تقول لا نكفر من أهل القبلة أحدا، فتنفي التكفير نفيا عاما مع العلم بأن في أهل القبلة المنافقين الذين فيهم من هو أكفر من اليهود والنصارى بالكتاب والسنة والإجماع، وفيهم من قد يظهر بعض ذلك حيث يمكنهم وهم يتظاهرون بالشهادتين.

وأيضا فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة ونحو ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا [1] .... إلى أن قال رحمه الله:

ولهذا امتنع كثيرٌ من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحدا بذنب، بل يُقال لا نكفرهم بكل ذنب كما يفعله الخوارج والمعتزلة، وفرقٌ بين النفي العام ونفي العموم، والواجب إنما هو نفي العموم مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب إلى أن قال عن الخوارج أنهم يقولون: يكفر كل من قال هذا القول، لا يفرقون بين المجتهد المخطئ وغيره أو يقولون يكفر كلُ مبتدع ... اهـ [2] .

وكلام ابن أبي العز رحمه الله يبين أن هناك طائفتين من الناس ُيذم منهجهم في هذا الباب:

أما الطائفة الأولى فهم الذين لا يكفرون من انتسب إلى أهل القبلة، وإن قال ما قال وفعل ما فعل من المكفرات بحجة أنهم ينطقون بالشهادتين أو أنهم لم ينكروا لله

(1) من المعروف أن هناك فرقا بين الاستتابة وقيام الحجة في هذه المسألة وما شابهها، فإن من صدر منه قول أو فعل مكفر نُظر فإن كانت الحجة قد قامت عليه وليس له عذر شرعي فإنه يكفر،= =ولكن موضع الاستتابة تكون عند إقامة حد الردة (القتل) عليه، فمن يرى وجوبها يمنع من قتل المرتد في هذه الحالة إلا بعد الاستتابة، ومن لا يرى إلا استحباب الاستتابة فقط يجيز قتله قبلها، فالنظر في الأعذار الشرعية يتعلق بالحكم بالكفر على فاعله أو قائله، وأما الاستتابة فمتعلقة بمسألة القتل، وقد يُحكم على شخصٍ ما بالكفر ولا يلزم من الحكم عليه وجوب قتله، ولكن النظر في موضوع الاستتابة يكون عند قتله بعد الحكم عليه بالكفر والله تعالى أعلم.

(2) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز / 316: 318.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام