وإجماع الأمة؛ وآثار الصحابة ..
الضرب الثاني: الفروع، وهو ما فهم من هذه الأصول لا بموجب ألفاظها بل بمعان تتنبه لها العقول ..
الضرب الثالث: المقدمات، وهي التي تجري منه مجرى الآلة، كعلم اللغة والنحو، فأما المتممات في الآثار والأخبار فالعلم بالرجال وأسمائهم وأنسابهم وأسماء الصحابة وصفاتهم .... إلى آخر كلامه رحمه الله. اهـ [1]
وقال القرطبي رحمه الله في الكلام على أقسام العلم: وفرض على الكفاية كتحصيل الحقوق، وإقامة الحدود، والفصل بين الخصوم ونحوه، إذ لا يصلح أن يتعلمه جميع الناس فتضيع أحوالهم وتنقص أو تبطل معايشهم، فتعين بين الحالين أن يقوم به البعض من غير تعيين وذلك حسب ما يسره الله لعباده وقسمه بينهم من رحمته وحكمته بسابق قدره وكلمته. اهـ [2]
قلت: مما سبق يتبين أن معرفة الحق وتعلم مذهب أهل السنة في مسائل التوحيد والإيمان ولا سيما في أصوله من الواجبات العينية على كل مسلم وخاصة في زماننا هذا حيث انتشرت البدعة وغابت السنة في كثير من البلاد، واختلط الحق بالباطل حتى أصبح الحق غريبا بين المسلمين أنفسهم، وإذا غيرت البدعة قال الناس غيرت السنة.
وإن حصل هذا الخلط بين الجهال فلا عجب، ولكن العجيب أن ترى ذلك حاصلا بين من ينتسب إلى العلم الشرعي وأهله، وقد وجد أهل البدع طريقا إلى السلاطين وقد اتحدت أهدافهم واستعانوا بهم لنشر مذاهبهم الباطلة والبطش بكل من ينتسب إلى السنة في أغلب بلاد المسلمين، فوجب على كل مسلم أن يتعلم مذهب أهل السنة وما كان عليه سلف هذه الأمة، حتى يكون على بصيرة من دينه، وخاصة ممن
(1) إحياء علوم الدين، ج 1/ 82.
(2) تفسير القرطبي، ج 8/ 274.