فهرس الكتاب
الصفحة 381 من 393

في أرقى الديمقراطيات كما يقع في أحط الدكتاتوريات سواء.

إن أول خصائص الربوبية هو حق تعبيد الناس، حق إقامة الأنظمة والمناهج والشرائع والقوانين والقيم والموازين، وهذا الحق في جميع الأنظمة الأرضية يدعيه بعض الناس - في صورة من الصور - ويرجع الأمر فيه إلى مجموعة من الناس على أي وضع من الأوضاع، وهذه المجموعة هي التي تخضع الآخرين لتشريعها وموازينها وتصوراتها وهي الأرباب الأرضية التي يتخذها بعض الناس أرباب من دون الله. اهـ [1]

الدليل الثاني:

قال تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا، لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [2]

فهذه الآية تبين بجلاء ووضوح أن سببا رئيسيا في كفر أهل الكتاب من قبلنا هو طاعتهم للأحبار والرهبان في التحليل والتحريم ونبذ حكم الله تعالى، وهذا الحكم ثابت في حق كل من أعطى لغير الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حق الطاعة المطلقة، وهذا هو عين ما يفعله الطواغيت في برلماناتهم الشركية، فإنهم يعطون بعض البشر حق التشريع للناس من دون الله تعالى ويلزمون الناس بطاعة هذه التشريعات ويحرمون معصيتها بل ويعاقبون من خرج عليها أو تمرد على تنفيذها.

ولئن كان أهل الكتاب من قبلنا قد كفروا بطاعتهم للعلماء - أي الأحبار - والعباد - أي الرهبان - في تحليل الحرام وتحريم الحلال، فكيف بمن أطاع العلمانيين أو الملحدين أو الفاسدين أو من لا يحسن تلاوة القرآن ولا يعرف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس بالطبع عالما ولا عابدا.

فلا شك أن من أعطى هؤلاء أو غيرهم حق التشريع من دون الله تعالى - تحت أي

(1) في ظلال القرآن 407: 406

(2) سورة التوبة، الآية: 31.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام