فهرس الكتاب
الصفحة 380 من 393

لم يحرمه الله ولم يحله الله إلى أن قال القرطبي رحمه الله:

{فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} ، أي متصفون بدين الإسلام منقادون لأحكامه معترفون بما لله علينا في المن والإنعام، غير متخذين أحدا ربا لا عيسى ولا عزيرا ولا الملائكة، لأنهم بشر مثلنا محدث كحدوثنا، ولا نقبل من الرهبان شيئا بتحريمهم علينا ما لم يحرمه الله علينا، فنكون قد اتخذناهم أربابا. اهـ [1]

وقال ابن كثير رحمه الله: هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم، {قل يا أهل الكتاب تعالوا إىى كلمة} ، والكلمة تطلق على الجملة المفيدة، كما قال هاهنا، ثم وصفها بقوله: {سواء بيننا وبينكم} ، أي عدل ونَصَف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله {أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً} ، لا وثناً ولا صليباً ولا صنماً ولا طاغوتاً ولا ناراً ولا شيئاً، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له، وهذه دعوة جميع الرسل، قال الله تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} وقال تعالى {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} ، ثم قال تعالى: {ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله} ، وقال ابن جريج: يعني يطيع بعضنا بعضاً في معصية الله، وقال عكرمة: يسجد بعضنا لبعض {فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} ، أي فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة، فاشهدوا أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم [2] . اهـ

وقال سيد قطب رحمه الله: إن أظهر خصائص الألوهية بالقياس إلى البشرية تعبد العبيد والتشريع لهم في حياتهم وإقامة الموازين لهم، فمن ادعى لنفسه شيئا من هذا فقد ادعى لنفسه أظهر خصائص الألوهية وأقام نفسه للناس إلها من دون الله ... إلى أن قال:

إن الناس في جميع الأنظمة الأرضية يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله يقع هذا

(1) تفسير القرطبي 4/ 107: 105.

(2) تفسير ابن كثير ت سلامة 2/ 56: 55.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام