فهرس الكتاب
الصفحة 339 من 393

وهذه القصة الأخيرة التي ذكرها النووي أشار إليها القرطبي في تفسير قوله تعالى {فقاتلوا أئمة الكفر} [1] ، حيث قال رحمه الله:

استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدين إذ هو كافر، والطعن أن ينسب إليه ما لا يليق به، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين، لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه .... إلى أن قال:

ورُوي أن رجلا قال في مجلس علي ما قتل كعب بن الأشرف إلا غدرا، فأمر علي بضرب عنقه، وقاله آخر في مجلس معاوية فقام محمد بن مسلمة فقال: أيقال هذا في مجلسك وتسكت!، والله لا أساكنك تحت سقف أبدا، ولئن خلوت به لأقتلنه.

قال علماؤنا: هذا يقتل ولا يستتاب إن نسب الغدر للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وهو الذي فهمه علي ومحمد بن مسلمة رضوان الله عليهما من قائل ذلك؛ لأن ذلك زندقة، فأما إن نسبه للمباشرين لقتله بحيث يقول إنهم أمنوه ثم غدروه لكانت هذه النسبة كذبا محضا ... إلى قوله رحمه الله:

وإذا قلنا لا يقتل فلابد من تنكيل ذلك القائل وعقوبته بالسجن والضرب الشديد والإهانة العظيمة. اهـ [2] .

وأما ابن أبي الحقيق فهو يهودي من خيبر وكان قد ذهب إلى مكة وأغرى قريشا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى حزبوا الأحزاب، وقد روى البخاري قصته عن البراء بن عازب قال: (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار، فأمر عليهم عبد الله بن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعين عليه وكان في حصن له بأرض الحجاز) .

وروى عنه أيضا (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطا إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن

(1) سورة التوبة، الآية: 12.

(2) تفسير القرطبي، ج 8/ 80: 81. ط دار الحديث.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام