في نفسك؟ ما الذي تريدون في أمره؟ قال خذلانه والتخلي عنه، قال: سررتني.
قال ابن حجر رحمه الله: وفي مرسل عكرمة (فأصبحت يهود مذعورين، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا قتل سيدنا غيلة، فذكَّرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - صنيعه وما كان يحرض عليه ويؤذي المسلمين) زاد ابن سعد (فخافوا فلم ينطقوا) . اهـ [1] .
قال النووي رحمه الله: معناه ائذن لي أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره.
ففيه دليل على جواز التعريض وهو أن يأتي بكلام باطنه صحيح ويفهم منه المخاطب غير ذلك، فهذا جائز في الحرب وغيرها ما لم يمنع به حقا شرعيا. اهـ [2] .
قلت: وقصة قتل كعب بن الأشرف دليل واضح على جواز خداع أهل الكفر والحرب كيفما أمكن حتى يتم التمكن منهم وقتلهم؛ ولو كان من ذلك إيهامهم بالموافقة على أعمالهم ومناهجهم كما أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمحمد بن مسلمة وأصحابه أن يقولوا فيه ما شاءوا؛ بل ودعا لهم بالتوفيق وهو يشيعهم.
وأما ما يقوله ويدعيه من ليس له نصيب من العلم: إن مثل هذه الأعمال غدر محرم وغير جائز؛ وإن الإسلام يحرم مثل هذه الأعمال فهو ضال عن الحق وربما ساقه ذلك إلى أن يقع في التكذيب بالنصوص الشرعية، فإن خداع أهل الكفر والحرب جائز لتحقيق الأغراض الشرعية ثابت بالأدلة الصحيحة.
وقد قال النووي رحمه الله: قال القاضي عياض: ولا يحل لأحد أن يقول إن قتله - أي كعب بن الأشرف - كان غدرا، وقد قال ذلك إنسان في مجلس علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمر به فضرب عنقه. اهـ [3] .
(1) فتح الباري ج 7/ 336: 340. وقد أخرج البخاري هذا الحديث في كتاب الجهاد باب الكذب في الحرب وباب الفتك بأهل الحرب.
(2) صحيح مسلم شرح النووي، ج 12/ 161.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي، ج 12/ 160.