قال: تُنزع منكم الحلقة والكراع؛ ونغنم ما أصبنا منكم؛ وتردون علينا ما أصبتم منا؛ وتَدُون قتلانا ولا نَدِي قتلاكم، وتكون قتلاكم في النار؛ وتُتركون أقواما تتبعون أذناب الإبل حتى يُري الله خليفة رسوله والمهاجرين أمرا يعذرونكم به.
فعرض أبو بكر ما قاله على القوم؛ فقام عمر فقال: قد رأيتَ رأيا وسنشير عليك:
أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنِعمَ ما ذكرتَ؛ وأما ما ذكرت تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله أجورها على الله ليس لها ديات، قال: فتتابع القوم على ما قال عمر [1] ، والحديث أصله في البخاري [2] .
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله رواية البرقاني في الفتح ثم قال: قال الحميدي: اختصره البخاري فذكر طرفا منه وهو قوله لهم (تتبعون أذناب الإبل - إلى قوله - يعذرونكم به) وأخرجه بطوله البرقاني بنفس الإسناد الذي أخرج البخاري ذلك القدر منه.
ومن المعروف أن وفد بزاخة المذكورين في الحديث هم قوم طليحة الأسدي الذين أطاعوه وقاتلوا معه؛ فلما قاتلهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وهزمهم الصحابة بعثوا وفدهم إلى أبي بكر رضي الله عنه.
والمجلية معناها الخروج عن جميع المال، والمخزية مأخوذة من الخزي ومعناها القرار على الذل والصغار، والحلقة هي السلاح، والكراع جميع الخيل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفائدة نزع ذلك منهم أن لا يبقى لهم شوكة ليأمن الناس من جهتهم، وقوله (ونغنم ما أصبنا منكم) أي يستمر ذلك لنا غنيمة نقسمها على الفريضة الشرعية ولا نرد عليكم من ذلك شيئا.
وقوله (وتردون علينا ما أصبتم منا) أي ما انتهبتموه من عسكر المسلمين في حالة
(1) رواه البرقاني على شرط البخاري، وراجع نيل الأوطار، ج 8/ 22.
(2) صحيح البخاري، كتاب الأحكام باب الاستخلاف؛ والحديث رقم: 7221.