فهرس الكتاب
الصفحة 334 من 393

المحاربة.

وقوله (تدون) أي تحملون إلينا دياتهم، وقوله (قتلاكم في النار) أي لا ديات لهم في الدنيا لأنهم ماتوا على شركهم فقتلوا بحق فلا دية لهم.

وقوله (تتبعون أذناب البقر) أي في رعايتها لأنهم إذا نزعت منهم آلة الحرب رجعوا أعرابا في البوادي لا عيش لهم إلا ما يعود عليهم من منافع إبلهم، قال ابن بطال: كانوا ارتدوا ثم تابوا فأوفدوا رسلهم إلى أبي بكر يعتذرون إليه فأحب أبو بكر أن لا يقضي بينهم إلا بعد المشاورة في أمرهم، فقال لهم: ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصحاري. انتهى.

قال ابن حجر: والذين يظهر أن المراد بالغاية التي أنظرهم إليها أن تظهر توبتهم وصلاحهم بحسن إسلامهم. اهـ [1]

قلت: وما أجمع عليه الصحابة في قصة وفد بزاخة في تعاملهم مع المرتدين، وأنهم عاملوهم جميعا - رؤساء وتابعين - معاملة واحدة وحكموا عليهم جميعا حكما واحدا في أحكام الدنيا والآخرة، دليل واضح لا يحتمل إلا التسليم على أن حكم الطائفة التي تقاتل المسلمين واحد؛ ولا يُفرَّق بين قادة مستكبرين وجنود مستضعفين؛ أو يُقال إنهم يختلفون في الحكم، فالصحيح أن حكم الجميع واحد، بل إن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم شهدوا على قتلاهم جميعا بالنار؛ ولم يفرقوا رضي الله عنهم بين قادة وتابعين، وذلك لأنهم جميعا قاتلوا على الكفر وقتلوا عليه.

فإذا تأملت هذا وكنت ممن شرح الله صدره للهدى، وليس للهوى عليك سبيل، وتمسكت بما أجمع عليه خير الناس بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عرفت أن كل من خرج لقتال المسلمين ومن اشترك في حربهم فإنه مستحق للعقاب وأنهم يستوون جميعا في أحكام الدنيا، ويشترك في هذا القادة والجنود؛ فلا فرق بينها والله تعالى أعلم.

(1) فتح الباري، ج 13/ 210: 211.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام