وكذلك الشيخ الكبير الذي لا طاقة له بالقتال فأنه يُقتل إذا أعان برأي أو مشورة، وقصة قتل دريد بن الصمة معروفة مشهورة، ويُلحق بهم الرهبان إذا اختلطوا بالناس وكان لهم في حرب المسلمين مشاركة ولو بالرأي.
فإذا كان هذا حكم النساء والشيوخ والرهبان - وهم من الأصناف الذين نهى الشارع عن قتلهم - وأنهم يقتلون إذا أعانوا برأي أو مشورة.
فكيف يكون حكم من حرض الطواغيت والكفار على قتال المسلمين وقتلهم وكتب في ذلك الكتب والمقالات الطويلة وعقد لذلك الندوات واجتهد في إلقاء المحاضرات.
بل وكلما هدأت حملة الطواغيت على المسلمين أجج نارها مرة أخرى؛ وهذا مثل ما يفعله مشايخ الضلالة والكتاب المجرمين والشعراء الذين يأكلون على كل الموائد، هذا فضلا عمن يشارك بنفسه في قتال المسلمين.
فهؤلاء جميعا طائفة واحدة محاربة لله ولرسوله وللمؤمنين يجوز قصدهم بالقتل والاغتيال؛ وقد يجب في بعض الحالات، وخاصة من كانت له إذاية على المؤمنين، وفي ذلك روى البخاري رحمه الله حديث قتل أبي رافع اليهودي الذي كان يعادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويؤلب عليه الناس [1] ، وكذلك ابن أبي الحقيق وغيرهما.
والقاسم المشترك بين هؤلاء هو الإذاية والمحاربة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولدينه وللمؤمنين.
ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث قتل أبي رافع اليهودي: وفيه جواز اغتيال ذوي الأذية البالغة منهم. اهـ [2]
ولذلك لما فتح الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - مكة عفا عن جميع أهل مكة إلا من كانت له إذاية للمسلمين؛ وسواء في ذلك من كانت إذايته بالقول أو بالفعل [3] ، ومثل هذا ما ورد
(1) الحديث في صحيح البخاري برقم: 3022، 3032.
(2) فتح الباري، ج 6/ 156.
(3) جمع ابن حجر أسماء من أهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دمه وهم: عبد العزى بن خطل وعبد الله بن أبي السرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نفيد، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن خطل كانتا تغنيان بهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - وسارة مولاة بني المطلب وذكر من أسلم منهم ومن قتل على الكفر (فتح الباري، ج 8/ 11: 12، وراجع زاد المعاد، ج 3/ 411. ط مؤسسة الرسالة) .