ولي الأمر، فاستفتى فيهم من ولي الأمر من حضره من الفقهاء، فأفتيناه بانتقاض عهد من فعل ذلك وأعان عليه بوجه من الوجوه أو رضي به وأقر عليه؛ وأن حد القتل حتما لا تخيير للإمام فيه كالأسير، بل صار القتل له حدا .... إلى قوله:
وكان هديه وسنته - صلى الله عليه وسلم - إذا صالح قوما وعاهدهم فانضاف إليهم عدو سواهم؛ فدخلوا معهم في عقدهم؛ وانضاف إليه قوم آخرون فدخلوا إليه في عقده صار حكم من حارب من دخل معه في عقده من الكفار حكم من حاربه.
وبهذا أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بغزو نصارى الشرق لما أعانوا عدو المسلمين على قتالهم فأمدوهم بالمال والسلاح وإن كانوا لم يغزونا ولم يحاربونا، ورآهم بذلك ناقضين للعهد. اهـ [1]
قلت: فإذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية قد حكم على من عاون النصارى في غزوهم للمسلمين وأمدوهم بالسلاح والمال أنهم مثل من قاتل وحارب وحكمهم حكم من غزا المسلمين مع أنهم لم يشاركوا في القتال مع من حارب بأنفسهم.
وإذا كان ابن القيم رحمه الله حكم على من رضي عن إحراق النصارى دور المسلمين وأموالهم بحكم الذين باشروا الإحراق وذكر أنهم يستحقون القتل جميعا ولا يجوز لولي الأمر أن يعفو عنهم بل القتل لازم متحتم عليهم.
إذا علمت هذا تبين لك حكم من رضي أفعال الكفار وعاونهم وأمدهم بما يستطيع من مال أو معلومات، بل وخرج معهم لقتال المسلمين - وإن لم يباشر القتال - وصار من جنودهم.
ويتبين أن حكم هؤلاء حكم رؤوس الطائفة والمحاربين منهم؛ وأنهم جميعا قد صاروا طائفة واحدة لها حكم واحد.
ويتبين مما سبق من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمه الله أيضا الفرق
(1) زاد المعاد بتحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤط، ج 3/ 136: 138.