استحسان طريقته والرضى بدينه، وذلك يخرجه عن الإسلام فلا جرم هدد الله تعالى فيه فقال {ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء} .انتهى.
وقد استدل بهذا القول أقوام فقالوا: إن الموالاة المكفرة هي التي تتعلق بالرضى القلبي والاعتقاد الباطن؛ وأن المكلف مهما فعل من ذلك واعتقاده سليم فلا يكفر أبدا، والرد على ذلك من وجوه نجملها فيما يلي:
الوجه الأول: إن تعليق المناط المكفر في الموالاة على عمل القلب فقط معناه أحد أمرين:
الأول: أنه لا يكفر أحد والى الكفار أبدا إلا إذا قال وصرح بلسانه أنه يعتقد عقيدته ويرضى دينه، وهذا لا يقوله أحد ينتسب إلى هذا الدين أبدا إلا ما شاء الله.
الثاني: أنه لا يكفر أحد في ذلك إلا إن اطلعنا على ما في قلبه من الرضى بدين الكفار.
وهذا يبطل ما ذكرناه في الباب الثاني من إجماع العلماء على الحكم بظاهر الأقوال والأفعال دون تعليق ذلك على السرائر والباطن، وأن من تكلف الحكم على الباطن والسرائر فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع.
هذا فضلا عن أنه قد قال قولا مشابها لقول المرجئة في إرجاعهم الكفر إلى عمل القلب.
الوجه الثاني: إن ما سبق في كلام الرازي لم يقم على اعتباره دليل صحيح من كتاب أو سنة أو إجماع، ومن المعلوم أن كل قول لم يقم عليه دليل شرعي صحيح فهو مهدر؛ وخاصة في مسائل الكفر والإيمان.
فكيف وقد قام الدليل على خلافه مما بيناه سابقا من الآيات وما ورد في تفسيرها من كلام أهل العلم.
الوجه الثالث: إن ما ذكره الرازي قد خالف فيه جميع أهل العلم والإجماع الذي نقلناه عنهم، ومثال ذلك ما ورد في كلام ابن جرير رحمه الله حيث قال في تفسير