فهرس الكتاب
الصفحة 251 من 393

وقال بعض علمائنا: أجمع العلماء على أن من دعا على نبي من الأنبياء بالويل أو بشيء من المكروه أنه يقتل بلا استتابة ... إلى أن قال القاضي عياض رحمه الله:

وقال ابن عتاب: الكتاب والسنة موجبان أن من قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأذى أو نقص معرضا أو مصرحا وإن قل فقتله واجب. اهـ [1]

وقال أيضا رحمه الله: الوجه الثاني لاحِقٌ في البيان والجلاء، وهو أن يكون القائل لما قاله في جهته - صلى الله عليه وسلم - غير قاصد للسب والازدراء؛ ولا معتقد له؛ ولكنه تكلم في جهته - صلى الله عليه وسلم - بكلمة الكفر من لعنه أو سبه أو تكذيبه أو إضافة ما لا يجوز عليه أو نفي ما يجب له مما هو في حقه - صلى الله عليه وسلم - نقيصة.

أو يأتي بسفه من القول أو بقبيح من الكلام ونوع من السب في جهته - صلى الله عليه وسلم -، وإن ظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد ذلك ولم يقصد سبه إما لجهالة حملته على ما قاله أو لضجر أو قلة مراقبة وضبط لسان وعجرفة وتهور في كلامه.

فحكم هذا الوجه حكم الوجه الأول القتل دون تلعثم؛ إذ لا يُعذر أحد بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان ولا بشيء مما ذكرناه إذ كان عقله في فطرته سليما إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، وبهذا أفتى الأندلسيون على ابن حاتم في نفيه الزهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال محمد بن سحنون في المأسور يسب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيدي العدو: يقتل إلا أن يعلم تنصره أو إكراه، وعن محمد بن زيد لا يعذر أحد بدعوى زلل اللسان في مثل هذا، وأفتى أبو الحسن القابسي فيمن شتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في سكره: يقتل لأنه يظن به أنه يعتقد هذا ويفعله في صحوه.

وأيضا فإنه لا حد يسقط بالسكر كالقذف والقتل وسائر الحدود لأنه أدخله على نفسه، لأن من شرب الخمر على علم من زوال عقله بها وإتيانه ما ينكر منه فهو

(1) شرح الشفا للقاضي عياض، ج 2/ 393: 400.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام