(وإن قتله) أي المرتد، (غيره) أي غير الإمام ونائبه، (بلا إذنه أساء وعزر) لافتياته على الإمام أو نائبه (ولم يضمن) القاتل المرتد لأنه محل غير معصوم، (سواء قتله قبل الاستتابة أو بعدها) لأنه مهدر الدم في الجملة، وردته مبيحة لدمه وهي موجودة قبل الاستتابة كما هي موجودة بعدها، (إلا أن يلحق) المرتد، (بدار حرب فلكل) أحد، (قتله) بلا استتابة، (وأخذ ما معه من مال) لأنه صار حربيا. اهـ [1]
قال عبد القادر عودة رحمه الله: إن قاتل المرتد لا يضمن، لأن الشريعة تهدر دم المرتد ولا تعاقب قاتله لأنه فعل مباحا.
ولأن الشريعة تجعل من واجب كل مسلم لا من حقه فحسب أن يقتل المرتد، وهذا الواجب من فروض الكفاية؛ إذا قام به فرد سقط عن الآخرين. اهـ [2]
قلت: فهذه أقوال أهل العلم دالة على أن من ارتد عن الإسلام إلى غيره فإن دمه مهدر.
وإن قتَله أحد دون الإمام فليس عليه قود ولا دية ولا كفارة، وإن رأى الإمام تعزيره بشيء مناسب جاز له ذلك، وذلك حتى لا ينفتح على الناس باب الشر والقتل.
وهذا إذا كان المرتد مقيما بدار الإسلام، فأما إذا لحق بدار الحرب أو بأهل الحرب واحتمى بهم وانتصر بقوتهم فحينذ يجوز لكل أحد قتله وليس عليه تعزير.
وإذا كان حكام البلاد كفارا لا يقيمون لله شرعا ولا يطبقون لله حدا، فيجوز لكل أحد من المسلمين قتل من يستطيع قتله من المرتدين، وخاصة أولئك المحاربين الذين يظهرون عداوتهم للمسلمين.
وكذلك كل من كان صاحب أذى أو إفساد ولو لم يقاتل بسيفه فإنه مستحق للقتل، ويجوز لكل أحد تمكن من قتله قَتلُه بلا استتابة، وهذا من الجهاد الواجب في سبيل الله تعالى.
(1) كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي، ج 6/ 175.
(2) التشريع الجنائي في الإسلام لعبد القادر عودة، ج 1/ 253.