بخلافه، والصبي غير مكلف بخلاف المرأة.
وأما بنو حنيفة فلم يثبت أن من استرق منهم تقدم له إسلام، ولم يكن بنو حنيفة أسلموا كلهم، وإنما أسلم بعضهم، والظاهر أن الذين أسلموا كانوا رجالا. اهـ [1] .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث (من بدل دينه فاقتلوه) : واستُدل به على قتل المرتدة كالمرتد، وخصه الحنفية بالذكر، وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء، وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إلى قوله رحمه الله:
وقد وقع في حديث معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى اليمن قال له - صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها) ، وسنده حسن، وهو نص في محل النزاع، فيجب المصير إليه، ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها. اهـ [2] .
قال القرطبي رحمه الله: واختلفوا في المرتدة، فقال مالك والأوزاعي والليث بن سعد: تُقتل كما يقتل المرتد سواء، وحجتهم ظاهر الخبر (من بدل دينه فاقتلوه) ، ومن يصلح للذكر والأنثى.
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا تقتل المرتدة، وهو قول ابن شُبْرُمة وإليه ذهب ابن عليه، وهو قول عطاء والحسن.
واحتجوا بأن ابن عباس روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من بدل دينه فاقتلوه) ، ثم إن ابن عباس لم يقتل المرتدة، ومن روى حديثا كان أعلم بتأويله، وروي عن على مثله، ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء.
واحتج الأولون بقوله عليه السلام: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان ... ) الحديث، فعم كل من كفر بعد إيمانه وهو أصح. اهـ [3] .
(1) المغني لابن قدامه ج 8/ 133 ـ 134، ط عالم الكتب.
(2) فتح الباري ج 12/ 284، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم.
(3) تفسير القرطبي ج 3/ 51 ـ 52، ط دار الحديث.