وهذا تحرز عن الأقوال والأفعال غير الصريحة ومحتملة الدلالة على الكفر الأكبر.
وقولنا ممن ثبت إسلامه من قبل فالمقصود به أن من كان مسلما ثم صدر منه قول أو فعل مكفر فهو المرتد.
ويخرج بذلك من كان كافرا أصليا، فلا يوصف بأنه مرتد إذا فعل فعلا أو قال قولا مكفرا ولكن يقال كافر.
وقولنا بغير مانع شرعي من تكفيره المقصود به أن هناك موانع شرعية تمنع من إطلاق الكفر على من فعله أو قاله، وذلك مثل الإكراه والجهل المعتبر والتأويل المقبول والخطأ غير المقصود إلي غير ذلك من الأعذار والموانع الشرعية التي تمنع من إطلاق الكفر والحكم به على قائله أو فاعله، ويخرج من ذلك ما يظنه البعض مانعا وليس كذلك.
وضابط ما يكون مانعا شرعيا ممن ليس كذلك أن المانع الشرعي هو الذي يتحقق فيه عجز المكلف عن إدراك مقصود الشارع أو عجزه عن معرفة وجه المخالفة فيما قد خالف فيه، وكل مانع لم يتحقق فيه هذا العجز فليس بمانع معتبر ولا شرعي.
فالمقصود بقولنا مانع شرعي أي ما ثبت اعتباره في شريعة الله تعالى، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان هذه الموانع بشيء من التفصيل في عدة أبواب قادمة، سواء المعتبرة والصحيحة شرعا أو التي يظنها الناس موانع وليست كذلك، وكل ما سبق من معان سيأتي شرحها بتفصيل إن شاء الله تعالى.
وفي تعريف الردة قال ابن حزم رحمه الله: المرتد: كل من صح عنه أنه ارتد عن الإسلام وخرج إلى دين - حاشا دين الإسلام - ثم ثبت أنه ارتد عن الإسلام وخرج إلى دين كتابي أو غير كتابي أو إلى غير دين. اهـ [1]
قال علاء الدين الكاساني الحنفي رحمه الله: الردة هي إجراء كلمة الكفر على اللسان
(1) المحلى لابن حزم ج 11/ 118.