وفي حديث عويمر العجلاني في لعانه امرأته وقوله - صلى الله عليه وسلم: (لولا ما قضى الله لكان لي فيها قضاء غيره) [1] .
وفي حديث رُكانة أنه طلق امرأته البتة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استحلفه (ما أردتَ إلا واحدة) فحلف له فردها عليه [2] .
وفي ذلك وغيره دليل على أن حراما على الحاكم أن يقضي أبدا على أحد من عباد الله إلا بأحسن ما يظهر، وإن احتمل ما يظهر غير أحسنه وكانت عليه دلالة على ما يخالف أحسنه.
وقوله في المتلاعنين (أبصروها فإن جاءت به كذا وكذا فلا أراه إلا قد صدق عليها) [3] ، فجاءت كذلك، ولم يجعل له إليها سبيلا إذ لم تقر ولم تقم عليها بينة، ثم قال رحمه الله:
فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم استدلالا على أن ما أظهروا خلاف ما أبطنوا بدلالة منهم أو غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة. اهـ [4] .
قال ابن تيمية رحمه الله: لا خلاف بين المسلمين أن الحربي إذا أسلم عند رؤية السيف وهو مطلق أو مقيد يصح إسلامه وتقبل توبته من الكفر وإن كانت دلالة الحال تقتضي أن باطنه خلاف ظاهره.
وأيضا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل من المنافقين علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله مع إخبار الله له أنهم اتخذوا أيمانهم جنة، وأنهم {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر} ، فعُلم أن من أظهر الإسلام والتوبة من الكفر قُبل منه ذلك. اهـ [5] .
(1) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنه وسنده صحيح.
(2) قال ابن حجر: رواه أحمد وأبو يعلى وصححه من طريق محمد بن إسحاق، ورد الحافظ قول من ضعفه.
(3) رواه البخاري في كتاب الطلاق بلفظ قريب من هذا.
(4) الأم للشافعي ج 7/ 295 ـ 297، انظر أعلام الموقعين لابن القيم ج 2/ 100 ـ 104.
(5) الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية /329.