وأن من قال إن مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنا بالله إنما هو كافر في الظاهر فقط فإنه قال قولا معلوم الفساد من الدين بالضرورة، وقد ذكر الله كلمات الكفار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد. اهـ [1]
وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: إن إصلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقائه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه.
فإن كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها وتوقي الشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات.
وإن كان القلب فاسدا قد استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يحبه ولو كرهه الله، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعث إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع الهوى.
ولهذا يُقال: القلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده، وهم مع هذا جنود طائعون له منبعثون في طاعته وتنفيذا لأوامره لا يخالفونه في شئ من ذلك، فإن كان الملك صالحا كانت هذه الجنود صالحة، وإن كان فاسدا كانت جنوده بهذه المشابهة فاسدة. اهـ [2] .
وقال القرطبي رحمه الله: الجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب - وإن كان رئيسها وملكها - بأعمالها للارتباط بين الظاهر والباطن.
قال - صلى الله عليه وسلم - (إن الرجل ليصدق فتنكت في قلبه نكتة بيضاء وإن الرجل ليكذب الكذبة فيسود قلبه) ، وروى الترمذي وصححه عن أبي هريرة: إن الرجل ليصيب الذنب فيسود قلبه فإن هو تاب صقل قلبه، قال وهو الرين الذي ذكره الله في القرآن كلا
(1) مجموع الفتاوى ج 7/ 557 ـ 558، راجع ج 14/ 120 ـ 121.
(2) جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي/ 65.