يُبطنون، وأنهم كاذبون فيما ينطقون به من الشهادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة.
كذلك فقد بين الله تعالى أن المكره لا يُحكم له بحكم الظاهر - وذلك إذا عُرف إكراهه - وهذا واضح في قوله تعالى {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} [1] .
وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) [2]
ومما يلحق بهذا الباب حكم من كان يخفي إيمانه وهو يعيش وسط الكفار، فإن هذا لا يُحكم عليه بحكم الظاهر وذلك لمن عرف أمره، فقد قال تعالى عن مؤمن آل فرعون {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ... } الآية [3] .
وسيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل القول في حكم المكره وحكم من يكتم إيمانه وسط الكفار لمصلحة شرعية تستدعي ذلك.
قال ابن تيمية رحمه الله: الإيمان الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا لا يستلزم الإيمان في الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة، فإن المنافقين الذين قالوا {آمنا بالله وباليوم الآخر} هم في الظاهر مؤمنون. اهـ [4] .
وقال رحمه الله عن حكم المكره على قتال المسلمين: هذا وإن قُتل وحكم عليه بما يُحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته، كما أن المنافقين مِنَّا يُحكم لهم في الظاهر بحكم الإسلام، ويُبعثون على نياتهم، والجزاء يوم القيامة على ما في القلوب لا
(1) سورة النحل، الآية: 106.
(2) رواه أحمد وابن ماجة والطبراني والحاكم بإسناد صحيح.
(3) سورة غافر، الآية: 28.
(4) مجموع الفتاوى ج 7/ 210.