فهرس الكتاب
الصفحة 156 من 393

والقصة السابقة هي قصة بني حنيفة وأنهم لما رجعوا إلى الإسلام كَبُر عندهم ما فعلوه، فاجتهدوا في العبادة وصار لهم مسجد معروف باسمهم يسمى مسجد بني حنيفة.

فمر بعض المسلمين فسمعوا منهم كلاما معناه أن مسيلمة كان على حق، وهم جماعة كثيرون، لكن الذي لم يقله لم ينكره على قائله.

فرفعوا أمرهم إلى ابن مسعود، فجمع من عنده من الصحابة واستشارهم، هل يقتلهم وإن تابوا أو يستتيبهم؟

فأشار بعض الصحابة بقتلهم من غير استتابة، وأشار البعض باستتابتهم، فاستتاب رضي الله عنه بعضهم وقتل بعضهم بغير استتابة.

قال محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: فتأمل رحمك الله إذا كانوا قد أظهروا من الأعمال الصالحة الشاقة ما أظهروا، لما تبرءوا من الكفر وعادوا إلى الإسلام ولم يظهر منهم إلا كلمة أخفوها في مدح مسيلمة، لكن سمعها بعض المسلمين.

ومع هذا لم يتوقف أحد في كفرهم كلهم - المتكلم منهم والحاضر الذي لم ينكر - ولكنهم اختلفوا هل تقبل توبتهم أو لا؟ والقصة في صحيح البخارى. اهـ [1]

وهذا مما يُرد به على مشايخ الإرجاء الذين يزعمون أن المصلي أو من يقيم الشعائر لا يجوز تكفيره وإن فعل ما فعل طالما أنه ينطق بالشهادتين، ويستدلون على ذلك بعمومات دون أن يلتفتوا إلى ما يخصصها، بل وينكرون على المخالفين وإن كان لهم مستند شرعى

ويشبه هذا في زماننا لو أن قوما اتفقوا فيما بينهم على عدم الحكم بما أنزل الله تعالى، أو الحكم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى أو حكموا بين الناس بشريعة مبدلة أو رضوا بذلك أو قننوه وأخرجوه للناس في صورة قوانين ملزمة يعاقبون من خرج

(1) مختصر السيرة / 32 ـ 33.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام