فهرس الكتاب
الصفحة 155 من 393

وقال في قول النبي - صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم مسجدا) فيه دليل على أن وجود المسجد في البلد كاف في الاستدلال به على إسلام أهله، وإن لم يسمع منهم الآذان.

لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر سراياه بالاكتفاء بأحد الأمرين: إما وجود المسجد وإما سماع الآذان. اهـ [1]

قلت: وكلام الشوكاني السابق يدل دلالة واضحة على أنه يُحكم بالإسلام على أهل قرية وُجد فيها مسجد، أو سُمع فيها آذان.

وقد بوب البخارى رحمه الله لهذا الحديث باب ما يحقن بالآذان من الدماء، ويُرد به على من يتوقف في الحكم بالإسلام على من يصلى في مساجد المسلمين، ومن يقيم شعائر الإسلام في زماننا هذا - إن لم يتلبس بما يناقض الإسلام من قول أو فعل في حاله ذلك - وهذا والله تعالى أعلم من قبيل الاستدلال بالعلامات والقرائن.

ومن المعلوم أن هذه القرائن والعلامات لا تقاوم ما يثبت بيقين عند التعارض، فإذا ثبت أن أهل بلد كفروا بوجهٍ ما من الوجوه المكفرة بيقين غير ترك الصلاة، فلا يقاوم ذلك وجود المسجد أو سماع الآذان.

وحينئذ فإنه يُحكم بالكفر على هذه القرية أو البلدة، لا كما يزعم بعض الجهال من المتعالمين حيث يقولون إن المساجد منتشرة وممتلئة بالمصلين، وهذا يدل على إسلام هؤلاء القوم، وأنا أسوق دليلا وقع فيه إجماع الصحابة على خلاف قول هؤلاء الفاسد.

وذلك أن قوم مسيلمة الكذاب صدقوا بنبوته، وكانوا يقيمون الصلاة ولم يمتنعوا عنها، وحكم الصحابة بكفرهم وقتل ابن مسعود بعضهم، وذلك بمحضر من الصحابة.

(1) نيل الأوطار ج 7/ 277 ـ 278، كتاب الجهاد باب الكف عمن عنده شعار الإسلام.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام