فهرس الكتاب
الصفحة 153 من 393

وقال أبو عبيدة: جعل الله تعالى هذه الكلمة أمنة المسلم وعصمة ماله ودمه، وجعل الجزية أمنة الكافر وعصمة ماله ودمه .... إلى أن قال رحمه الله:

فحكم الله تعالى بصحة إيمان من أظهر الإسلام، وأمرنا بإجرائه على أحكام المسلمين وإن كان في المغيب على خلافه. اهـ [1]

قال القرطبي رحمه الله: والمسلم إذا لقي الكافر ولا عهد له جاز قتله، فإن قال لا إله إلا الله لم يجز قتله لأنه اعتصم بعصام الإسلام المانع من قتله، فإن قتله بعد ذلك قتِل به.

وإنما سقط القتل عن هؤلاء لأجل أنهم كانوا في صدر الإسلام، وتأولوا أنه قالها تعوذا وخوفا من السلاح وأن العاصم قولها مطمئنا، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عاصم كيفما قالها.

ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - لأسامة بن زيد: (أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟) أخرجه مسلم، أي تنظر أصادق هو في قوله أم كاذب، وذلك لا يمكن، فلم يبق إلا أن يبين عنه لسانه.

وفي هذا من الفقه باب عظيم، وهو أن الأحكام تُناط بالمظان والظواهر، لا على القطع واطلاع السرائر. اهـ [2]

قلت: فانظر إلى قول القرطبي رحمه الله تعالى وما نقله الجصاص في حكم من قال لا إله إلا الله وأنه لا يُقتل لأنه اعتصم بعصام الإسلام المانع من قتله، يتبين لك صحة ما قلناه في شرح كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله.

ويتبين أن من نطق بالشهادتين عُصم ماله ودمه، وذلك لأنه صار بالتكلم بالشهادتين مسلما له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، لا كما يقول أهل التوقف المبتدع،

(1) أحكام القرآن للجصاص ج 1/ 246 ــ 247، راجع أحكام القرآن لابن العربي ج 1/ 480 ـ 481.

(2) تفسير القرطبي ج 5/ 338.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام