شعب الكفر الجحود ورأس شعب الإيمان التصديق. اهـ [1]
تنبيه:
تقدم في قول ابن تيمية رحمه الله أنه قد يجتمع في العبد إيمان وكفر ولا يصير بذلك كافرا ولا يخرج من ملة الإسلام، ومثله في كلام ابن أبي العز رحمه الله.
وقد ظن أقوام ممن قل نصيبهم من العلم أن هذا الكلام ينسحب على الكفر الأكبر، وأن الإنسان إذا كان مؤمنا وفعل ما هو كفر أكبر لا يكفر بذلك، وأن الإيمان الذي معه يمنع من إطلاق الكفر عليه حينئذ وإن كان ما فعله كفر أكبر، وهذا خطأ واضح وضلال مبين.
إذ أن لازم هذا القول أن من كان معه إيمان فلا يكفر أبدا، وإن فعل ما فعل وقال ما قال من المكفرات، وهذا ما لم يقله حتى غلاة المرجئة فإنهم - أي المرجئة - قد حكموا بالكفر على فاعله وقائله، ولكنهم أرجعوا ذلك إلى ذهاب التصديق من القلب.
ولذلك فقد قيد شيخ الإسلام رحمه الله كلامه السابق بقوله: وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن ملة الإسلام بالكلية، وهذه صفة الكفر الأكبر، فإنه هو الذي ينقل عن الإسلام.
ولذلك فقد قال الله تعالى {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} [2] ، ولا يحبط العمل بالكلية إلا الكفر أو الشرك الأكبر.
وقال تبارك وتعالى {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} [3] ، ومثله قوله
(1) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز / 358: 359.
(2) سورة الزمر، الآية: 65.
(3) سورة الأنعام، الآية: 88.