فهرس الكتاب
الصفحة 90 من 477

ثالثها: أن يكون عنده من التقوى والخوف من الله ما يردعه عن الوقوع في الشهوات.

وبعد النظر في تلك الشروط تجد أن أكثر المسافرين إلى تلك البلاد لم تتوفر لهم هذه الشروط، وأنهم آثمون بسفرهم ومخالفتهم أمر ربهم.

إن قاعدة سد الذرائع ودرء المفاسد من قواعد الدين العظيمة، فلما كان السفر إلى تلك البقاع الموبوءة والمستنقعات المشبوهة مما يسبب وقوع كثير من المسلمين في الخنا والزنا والفجور وشرب الخمور لتوفر هذه الأمور في تلك البقاع، إذ لا دين عندهم يمنعهم ولا أخلاق تردعهم، فلما كان الأمر كذلك جاء الشرع الحكيم ليسد هذا الباب الخطير حفظًا للدين وصيانة للأعراض؛ فالحمد لله رب العالمين.

بسم الله الرحمن الرحيم: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء: 26-28] .

فإن كل ذي عقل وإنصاف لابد وأن يقر للإسلام بالحكمة في منع سفر أهله إلى بلاد الكفر حفاظًا عليهم من الوقوع في تلك البلايا التي ذكرناها، وكذلك حماية لهم من مفاسد السفر التي تعود على الجميع ومن هذه المفاسد:

1-تنكر كثير من الناس للدين ورفضهم تعاليمه:

وركونهم إلى قوانين الغرب وأساليب حياتهم حتى أصبح من شباب المسلمين من يضع المساحيق على وجهه وأحمر الشفاه تشبَّهًا بهؤلاء المخنثين من الغربيين، مع محبة الخنا والزنا، والسعي وراء الشهوات وطلب المنكرات مما يزيد هذا البلاء في بلاد المسلمين فيعرض الجميع لسخط العزيز الجبار.

2-تذمر الفتيات من الحجاب والدعوة إلى التفسخ والسفور:

فهي تريد أن تكون مثل هذه التي رأتها تمشي بين الرجال تجالسهم وتضاحكهم وتمازحهم، مظهرة زينتها وفتنتها، ولقد بدأ هذا يفشو بين نسائنا، فبدأت الوجوه تظهر بكثرة، وبدأ الحجاب ينسحب رويدًا رويدًا، وإلى الله نشكو ضياع الأمة وموت عمر.

3-تلاشي مفهوم الولاء والبراء:

بين المسلمين والكافرين، وارتفاع بغضهم من قلوب المسافرين، نتيجة للمخالطة والمعاشرة، وفي هذا ضياع الجهاد والدعوة للإسلام، بل والدفاع عنه إذا اقتضى الأمر ودعت الضرورة.

4-التعود على رؤية المنكر:

وهذه أكبر المصائب لأن كثرة مشاهدة المنكرات تجعل المرء يعتاد عليها حتى تصبح أمرًا هينًا في عينه لا يتأثر بها قلبه ولا تشمئز لها نفسه، بل ولا يستحي بعد ذلك أن يراه الناس على شيء منها، وفي هذا فشو المعاصي وانتشار المنكرات مما يؤذن بخراب البلاد ودمار العباد.

ولا تتوقف مفاسد هذا السفر على هذه الأمور ولكنها من أهمها ومن هنا نعرف صدق كلام ابن الجوزي - رحمه الله - حين قال: السياحة في الأرض لا لمقصود شرعي كعلم أو دعوة أو نحو ذلك منهي عنها"."

فإذا كان هذا قولهم في السياحة التي لا معصية فيها، فكيف بسياحة التحلل والتفسخ؟.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام