والبعض الآخر لا يجد المكان إلا بشق الأنفس ويكون في معزل عن البشر ومع ذلك لا يأخذ راحته، ولا يأذن لمن معه أن يأخذ راحته، وهذه طبائع في الناس لا بد أن يغيروها بما يوافق الشرع.
وما بين الطرفين المذكورين هو الوسط الذي اختاره الله لنا.
وعند اختيار المكان والنزول فيه لا بد أن يقول كل واحد ما ورد في نزول المنزل (( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) )فإنه إذا قال ذلك حفظ بإذن الله هو وذريته من العقارب والهوام ونحوها.
معاشر المسلمين، ومن الآداب أيضاً، عدم إيذاء المتنزهين الآخرين، وكثير من الناس إذا خرج من حدود بلده أو خرج إلى موقع رحلته، خرج هو أيضاً عن طوره وتبخرت جميع الأخلاق والآداب وكأن النزهة لا تحصل إلا بهذا الأسلوب القبيح، فتجده يؤذي الناس في المتنزهات والأماكن العامة برفع صوت الغناء أو بالقيادة المتهورة أو بالتدخين في أماكن لا يسمح بالتدخين فيها، أو يجاهر بمعصية ليستفز بها المشاعر ونحو ذلك من الإيذاء المتعمد الذي يفعله كثير من السوقة الأرذال.
وصور أخرى من إيذاء الناس تحصل من أناس عقلاء مع الأسف ومن عائلات محترمة تظهر في التساهل في رمي المخلفات في أماكن الجلوس العامة وإفساد الطريق أو الظل النافعين، أو موارد المياه العذبة ونحو ذلك، وقد يحصل هذا من الأطفال لكن دون نهي من الأهل، وهذا تفريط لا يجوز، وهو نوع من الإيذاء المحرم كما قال: (( اتقوا اللاعنين: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم ) )رواه مسلم.
وما أجمل أن يظهر المسلم بصورة الواعي الذي لا يفكر في نفسه فقط بل يفكر في نفسه وفي من يأتي بعده من الناس، والذي يقيم واجب الجوار في المتنزهات العامة فلا يؤذي مشاعر من يجلس بجواره، بل يبادر إلى الإحسان إلى الجار بالهدية الطيبة من الطعام أو من الكتيبات والأشرطة ونحوها.
معاشر المسلمين، ومن الآداب أيضاً، عدم الغفلة عن الواجبات الشرعية وعلى رأسها الصلوات الخمس في أوقاتها، ويجوز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفي السفر، لكن لا يجوز أن تؤخر الصلاة عن وقت إحداهما، ويفرط كثير من الناس في الصلوات في أوقاتها في رحلاتهم وأسفارهم، وقد قال الله - تعالى: (فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 4، 5] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة وعصيان فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وصلاة الله وسلامه على أشرف المرسلين.
أما بعد:
فيا عباد الله، ومن الآداب أيضاً، اجتناب المنكرات، نجد البعض يعطي نفسه إجازة دينية في أسفاره، فبمجرد خروجه من بيوت قومه يبدأ بالإعراض عن الله، وهذا ليس من دين الإسلام في شيء (ليس في الإسلام إجازة دينية) الإسلام منهجه غير هذا، الإسلام منهجه ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) [الحجر: 99] .
وإن من المنكرات التي يقع فيها البعض: