فهرس الكتاب
الصفحة 465 من 477

لما كان العبد مأموراً بالتقوى في السر والعلانية مع ما عنده من ضعف في الإرادة، وتفريط في التقوى إما بترك بعض المأمورات أو بارتكاب بعض المحظورات جاءت الوصية الثانية من النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه بقوله ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها ) فإذا وقع المسافر أو غيره في مخالفة لأمر الله فعليه بالعودة والرجوع مباشرة إلى الله تعالى، فكل بني آدم خطّآء، وخير الخطّائين التوابون؛ لذلك قال الرحمن الرحيم في كتابه العزيز ( إن الحسنات يُذهبن السيئات )

وقد ذكر العلماء أن الذنوب يزول موجبها بأشياء منها التوبة والاستغفار، ومنها الأعمال الصالحة من الحسنات الماحية أو الكفارات المقدرة.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: اعلم أن العناية بهذا - أي إتباع الحسنات للسيئات - من أشد ما بالإنسان الحاجة إليه .. فأنفع ما للخاصة والعامة العلم بما يخلّص النفوس بإتباع السيئات الحسنات، والحسنات ما ندب الله إليه على لسان خاتم النبيّين صلى الله عليه وسلم من الأعمال والأخلاق والصفات. أ.هـ

عباد الله:

ثم لما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هاتين العبارتين حق الله تعالى، وضّح حق الناس فقال: ( وخالق الناس بخلق حسن ) فالمسافر لا بد أن يختلط مع أناس ربما لا يعرف أطباعهم وعاداتهم، فعليه أن يعاملهم بالحسنى، وأن يسعهم منه بسط الوجه وكف الأذى.

وليعلم المسافر أنه كالسفير لبلده في سفره فالناس يرون في أخلاقه أخلاق البلد الذي جاء منه لذلك كانت التبعة كبيرةً على من سافر من بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي أن يُمثّل صورة ناصعة عن بلده بامتثال الأخلاق الإسلامية والدعوة إلى الله تعالى على قدر الطاقة بالعلم والموعظة الحسنة، وتوضيح صورة الإسلام بالفعل قبل القول، والله وحده المسئول أن يحفظ المسلمين في حِلّهم وترحالهم وظعنهم وإقامتهم .

وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام