من أنواع الترفيه التي درج عليها الأوائل وشجعوا عليها أبناءهم حتى يتكامل بنيان الجسم مع سلامة العقل، مختلف الرياضات التي تنمي العضلات وتساعد على النشاط والقوة من ذلك رياضة الرماية، والسباحة، والغطس، وسباقات العدو على الأقدام وركوب الخيل والمبارزة بالسيف، والمصارعة، وكل ذلك مروي عن الرسول - عليه السلام - الذي ضرب لنا أروع الأمثلة في الترفيه والترويح مع الزوجة حين سابق أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في أحد أسفاره فسبقته في الأولى، وهي يومئذ رشيقة لم تحمل اللحم، فسابقها ثانية وقد حملت اللحم فسبقها وقال (هذه بتلك) (5) . فأين أولئك الذين يتعللون بكثرة المشاغل ويتذرعون بالحجج الواهية عن إدخال السرور والمرح على أهلهم، وما علموا أن مما يؤجر عليه المرء إدخال السرور على أهل بيته، وهذه دعوة لنبذ التكرش والترهل، والتمتع بجسم رشيق معافى فأين المشمرون!.
• وهناك العديد من ألوان النشاط الترفيهي:
التي ينبغي مزاولتها والمداومة على ممارستها، رغبة في تجديد النشاط، والبعد عن جو الرتابة والملل وتنشيطاً للذهن وتجديدا للدورة الدموية، فالقلوب كما الأبدان تمل فلا بد من إجمامها بين الفينة والأخرى، كما قال علي - رضي الله عنه - (أجموا هذه القلوب، والتمسوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان) .
وأخيراً لو لم يكن في السياحة إلا ما ذكره الإمام الشافعي من الفوائد لكفى:
تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ما جد
وهذا غيض من فيض عن ما جاء في الترويح والترفيه من الفوائد، فالهدف هو تجدد النشاط وطرد الكسل والإقبال على العبادات بنهم وشوق، ولعل هذا ما يلحظه المتأمل لحكمة الشارع التي شرعت العيدين بعد جهد وعناء يقوم به العبد المسلم من القرب والعبادات والصوم والقيام والدعاء، فعيد الفطر المبارك يعقب صيام الشهر الفضيل المتضمن للقيام والصيام وأنواع القربات فيأتي العيد لتجديد النشاط والحيوية، وكذلك عيد الأضحى المبارك يأتي بعد الوقوف بعرفة وما فيه من دعاء ومشقة السفر والغربة، ولغير الحاج ما يتيسر من صوم الأيام العشر ويوم عرفة.
فالحمد الله على نعمة الإسلام وسماحة الشريعة الغراء التي جاءت بالتوازن والاعتدال ونبذ التطرف والغلو والكلال!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الآية (5) من سورة التحريم.
(2) من الآية (112) من سورة التوبة.
(3) رواه الإمام احمد في مسنده (6/16) .
(4) رواه مسلم في (كتاب التوبة، فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة) .
(5) رواه أبو داود الحديث رقم (2578) .