فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 477

إلى هؤلاء نسوق حكمَ اللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلّم في هذا المنكر، الذي أصبح اليومَ معروفا، يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً. إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً. فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً) . [سورة النساء، الآيات: 97-99] .

قال ابن ُكثير رحمه الله:"هذه الآيةُ الكريمةُ عامةٌ في كلِ من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادرٌ على الهجرة، وليس متمكناً من إقامةِ الدين، فهو ظالمٌ لنفسه، مرتكبٌ حراماً بالإجماع، وبنصِ هذه الآية" (3) .

ويقول صلى الله عليه وسلّم:"من جامعَ المشركَ وسكنَ معَه فإنه مثلُه" (4) . وقوله صلى الله عليه وسلّم:"ولا تستضيئوا بنار المشركين" (5) . وفي حديث بهز بن حكيم:"أن تفر من شاهق إلى شاهق بدينك".

قال ابنُ كثير:"معناه لا تقاربوهم في المنازل، بحيث تكونوا معهم في بلادهم، بل تباعدوهم، وتهاجروا من بلادهم"، ولهذا روى أبو داود فقال:"لا تراءى ناراهما" (6) . وفي قصةِ إسلامِ جرير، لما قال: يا رسول الله! بايعني واشترط، فقال:"أن تعبدَ الله ولا تشركَ به شيئاً، وتقيمَ الصلاة، وتؤتَي الزكاة، وتناصحَ المسلمين، وتفارقَ المشركين" (7)

وقد أدرك علماءُ السلفِ رضي الله عنهم من هذه النصوصِ وغيرِها، تحريمَ السفرِ لبلادِ الكفار لغير عذر شرعي، فعن عبدِالله بنِ عمرو رضي الله عنهما أنه قال:"من بنى بأرض المشركين، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة" (8) .

وقال الحسنُ بنُ صالح رحمه الله:"من أقام في أرض العدو وإن انتحل الإسلامَ وهو يقدر على التحويل إلى المسلمين فأحكامهُ أحكامُ المشركين" (9) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام