فهرس الكتاب
الصفحة 318 من 477

فسارع بحجز مكانه وتأكيد حجزه، وجعل همته:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

والغريب أن بعض أولئك النفر لا يسافر لوحده في تلك الرحلة الرحمانية بل يشد على أيدي إخوانه ويحثهم على ذلك، فينال الأجر مضاعفاً.

فبالله عليكم أي السياحتين خير، ثم ما أن تنقضي مدة الدورة القرآنية إلا وترى الثمار اليانعة قد آتت أكلها وجاء وقت الحصاد فذلك قد حفظ القرآن في شهر، وذلك قد أكمل حفظ ما تبقى من القرآن، وذاك قد بدأ مشوار الحفظ بخمسة أو عشرة أو خمسة عشر جزءاً.

لا إله إلا الله، كم من مشمر سيبدأ بعد أيام رحلته، وكم من غافل سيزيد بعداً عن خالقه، وكلها أيام قلائل وسيجني كل واحد منهم ثمرة عمله وجزاء صنعته.

فهذه واحدة من تلك الرحلات المعلن عنها، فلها ركابها ولها عشاقها، ولها قاصدوها، وكم من المساكين من حرموا أنفسهم في خوض غمار تلكم الرحلة السياحية مع الظلال القرآنية؟ فالموفق من وفقه الله.

أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته.

وفي ثنايا الإعلانات السياحية ترى العيون إعلانات قد شدت العقل وسلبت اللب؛ لأنها كنز لا يقدر بثمن ولا يساويه كنز واحد من كنوز الدنيا.

إنها الدورات العلمية المكثفة التي لا تزيد مدتها عن أسبوعين أو ثلاثة تقريباً، فيكون فيها طلاب العلم مشغولون بالتحصيل والبحث والتزود من معين الشريعة السمحة جاعلين نصب أعينهم شعار:"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".

فلله درهم يعيشون مع سنة الحبيب - صلى الله عليه وسلم- زمناً يتبينون أحكام هذا الدين فيزدادون بالمعرفة خشوعا وذلاً وانكساراً لله رب العالمين، فيتمنون الدخول في قوله - تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} وكم من حائر غافل حضر هذه المجامع العلمية وعاش فيها دهراً يسيراً فتبصر أمور دينه، وتفتحت مدارك نفسه فخشع قلبه وانكسرت نفسه ودمعت عينه على أوقات قضاها في لعب ولهو وخوض بالباطل. وهو الذي كان يظن نفسه أنه يعيش سعادة لا يعيشها غيره، ولكنها سرعان ما تبدلت النظرة وتغيرت الفكرة فليس الخبر كالمعاينة. فأكرم بها وأنعم من سياحة تقود العبد ليفوز برضا الرب.

وما زلنا نقلب النظر في تلك الإعلانات فيلفت الانتباه إعلاناً قد جمع بين زوايا متعددة ومواهب متنوعة.

فتجد المرح والمتعة، وتجد الجد والهمة العالية، وتجد الصحبة الصالحة، وتجد القدوات الحسنة، وغيرها مما لا يحصيه قلم الخطاط لكتابته في الإعلان.

هذه هي المراكز الصيفية (أو ما تسمى بالنوادي الصيفية) . إنها أماكن يلتحق بها أصحاب الفئات العمرية الصغيرة ومن يكبرهم بقليل.

وهي منبع خصب لكل فضيلة فالقائمون عليها نخبة من الفضلاء نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحداً. قوم جندوا أنفسهم لتربية جيل صالح يكون منبته نباتاً حسناً.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام