وقال ابن كثير في تفسير قول الله - تعالى: (يُرِيد الله بكم اليُسر ولا يُرِيد بكم العُسر ولتُكملوا العِدَّةَ ولتكبِّروا اللهَ على ما هداكم ولعلكم تشكرون) :"أي إنما رخص لكم في الفطر في حال المرض والسفر، مع تحتمه في حال المقيم الصحيح؛ تيسيراً عليكم ورحمةً بكم". [12]
[6] شكر الله - تعالى:
ورحم الله صاحبَ الظلال حيث قال في تفسير قولِ الله - عز وجل: (ولتكبِّروا اللهَ على ما هداكم ولعلَّكم تشكرون) :"فهذه غايةٌ من غاياتِ الفريضة: أن يشعر الذين آمنوا بقيمة الهدى الذي يسَّره الله لهم، وهم يَجِدُون هذا في أنفسِهم في فترةِ الصومِ أكثرَ من كل فترةٍ! وهم مَكْفُوفُو القلوبِ عن التفكيرِ في المعصية، ومكفُوفُو الجوارحِ عن إتيانِها، وهم شاعِرُون بالهُدى ملموساً محسوساً! ليكبِّروا اللهَ على هذه الهداية، وليشكروه على هذه النعمة، ولتفيء قلوبهم إليه بهذه الطاعة، كما قال في مطلع الحديث عن الصوم: (لعلكم تتقون) ؛ وهكذا تبدو مِنَّةُ الله في هذا التكليف الذي يبدو شاقاً على الأبدانِ والنفوس، وتتجلى الغايةُ التربويّةُ منه، والإعدادُ من ورائه للدورِ العظيمِ الذي أُخرِجتْ هذه الأمةُ لتؤدِّيَه أداءً تحرسه التقوى ورقابةُ الله وحساسيةُ الضمير"! [13]
[7] الحياءُ مِن الله - عز وجل:
والحياءُ من ثمراتِ التفكُّر في نِعَمِ الله - عز وجل - على العبد، والصائمُ كثيرُ التفكُّرِ في ذلك؛ لصفاءِ ذهنِهِ ويقظةِ قلبِه. ورحم الله الإمامَ النوويَّ حيث قال:"قال العلماء: حقيقةُ الحياء خُلُقٌ يبعث على تركِ القبيحِ، ويمنع من التقصيرِ في حقِّ ذَوِي الحقِّ! ورُوِيَ عن أبي القاسم الجُنَيد - رحمه الله - قال: الحياء: رؤية الآلاءِ أي النِّعم ورؤية التقصير؛ فيتولَّدُ بينَهما حالةٌ تُسَمَّى الحياء!" [14]
[8] إحياء الوَرَع:
فالورعُ ثمرةُ الاستقامة واجتنابِ الشبهات، وهذا من أعظمِ الزاد في هذا الشهر الكريم؛ فالورعُ يحملُ صاحبَه على"تزكيةِ نفسِهِ وصَوْنِها وتأهيلِها للوُصُولِ إلى رَبِّها؛ فهو يصونها مما يشينها عنده ويحجبها عنه، ويصون حسناته عما يُسقِطها ويَضَعُها؛ لأنه يسيرُ بها إلى ربِّهِ، ويطلب بها رِضاه، ويصون إيمانَه بربِّهِ: من حُبِّهِ وتوحيدِهِ ومعرفتِهِ به ومراقبتِهِ إياهُ عما يُطفِئ نُورَه ويُذْهِبُ بهجتَهُ ويُوهِنُ قُوَّتَه!" [15]
[9] الزهد:
ولعلَّ طالبَ العلم يُدرِكُ من قولِ اللهِ - عز وجل: (أياماً معدوداتٍ) الإشارةَ إلى الزهد في الدنيا؛ فإذا كان رمضانُ وهو أشرفُ الأوقات وموسم اليقظة؛ (أياماً معدودات) ! فكيف بشهور الغفلات؟! ذلك أنَّ"المراد بالأيام من قوله: (أياماً معدودات) شهر رمضان عند جمهور المفسِّرين؛ وإنما عبَّر عن رمضان بـ (أيام) وهي جمعُ قِلةٍ، ووصف بـ (معدودات) وهي جمع قلة أيضاً؛ تهويناً لأمرِه على المكلَّفين، والمعدودات كنايةٌ عن القلة؛ لأنَّ الشيء القليل يُعَدُّ عدّاً". [16]