جاء دوري بكيت وبكيت .اللهم لك الحمد. قرأت: سورة الاخلاص, الفلق , الناس ، ثم سجدت شكرًا لله على هذه النعمة. لقد أتممت حفظ كتاب الله.
الآن عرفت طعم السعادة التي كانت الفتيات الحافظات يتحدثن عنها في محاضرتهن التي كانت ـ بعد توفيق الله ـ السبب في التحاقي بحلقة القرآن.
وبرغم التعب التي تعبته خلال تلك العشر أسابيع ، إلا أنها كانت من أجمل أيام حياتي. لم يكن الأمر سهلاً ، لكن مع العزيمة وبتوفيق الله أتممت الحفظ.
علمًا أنني لم أكن صاحبة ذاكرة قويه ، بل على النقيض من ذلك فقد كان الحفظ صعبًا جدًا ، لكنه توفيق من الله. كما أنني لم أكتب هذه الكلمات إلا من أجل تشجيع غيري على حفظ كتاب الله.
تجربتي في حفظ كتاب الله
إنني إذ أخط لكم كلماتي ، فإنني لست أخطها فخرًا وإعلانًا، وإنما هي تجربة خضت غمارها ، فأردت أن تكون دافعًا لمن لم يلج في هذا الطريق أن يلجه ، ،وحافزًا لمن بدأ أن يُتم طريقه مستعينا بالله ، ولمن وصل إلى نهاية المطاف أن يسعى لتثبيت ما حفظ ، فإنه من السهل الوصول إلى القمة لكن الصعب أن تحافظ عليها ، وهو يسير على من يسره الله عليه، ثم إنني بهذه الكلمات أُذكِّر نفسي بنعم الله ـ عز وجل ـ عليَّ ، وأعترف بفضله وآلائه ، إذ أنَّ الاعتراف بالنعم أول سبيل لشكر المنعم سبحانه .
بدأت تجربتي في حفظ كتاب الله ـ عز وجل ـ منذ أن كنت طفلاً ، فقد أكرمني الله ـ عز وجل ـ بأبوين حرصا عليَّ أشد الحرص ، واعتنيا بتحفيظي كتاب الله ـ عز وجل ـ عناية بالغة، وكانت ترافقني في مسيرة الحفظ أختي الغالية ، وعند الخامسة ربيعا كنا ـ وبفضل الله عز وجل ـ قد أتقنا حفظ الجزء الثلاثين والتاسع والعشرين ، وأذكر حينها أن والدي ـ.حفظه الله ـ وعدنا بأن يشتري لنا جهاز كمبيوتر مكافأة على الحفظ ، وتم الشراء ، وما زال الكمبيوتر يذكرني بتلك الذكرى العزيزة على القلب .
لم يكن في منطقتنا مراكز نسوية للتحفيظ ، فبدأ والديَّ ـ.حفظهما الله ـ في مشروع حلقات تحفيظ لأبناء وبنات الحي بأن اتفقا مع الجيران على تنظيم حلقات للحفظ في مسجد الحي ، وهكذا بدأنا بحلقة صغيرة جدًّا في مصلى النساء ، ثم توسعت تلك الحلقة حتى ضاق المصلى بالطالبات ، فاستُؤجر أحد المنازل لتكمل فيه الطالبات حفظهن ، واستمرت حلقة الطلاب في المسجد ، ومع تطور الحلقة واتساعها تم شراء ذلك المنزل من قبل فاعلي خير ـ جزاهم الله خيرًا ـ وأعيد بناؤه ليفي بمتطلبات الدورات العلمية وفصول التحفيظ .
تابعتُ حفظي مع معلمات فاضلات كان لهن الفضل ـ.بعد الله عز وجل ـ في حفظي لكتاب الله وإتقان التجويد ، حفظت ما يقارب ثلاثة عشر جزءًا ، وكان عمري حينها ثلاث عشرة سنة . إلا أنَّ انطلاقتي الحقيقة في الحفظ بدأت بعد أن رأيت في المنام وكأن الشمس قد طلعت من مغربها والوضع مخيف ومرعب ، و كنت أبكي وأقول لأختي ألم أقل لك هاهي القيامة قد قامت ولم أكمل حفظ القرآن.