فهرس الكتاب
الصفحة 150 من 477

إن النفوس الضعيفة تأخذ كل ما يساق إليها وينتهي بها الأمر إلى إن تفقد خصائصها الإسلامية التي بها قوامها، ثم تميع وتذوب، أو تضمحل وتفنى، فلا تتعجب بعد ذلك أخي المسلم: إذا رأيت نماذج - ومع كل أسف - من أبنائنا شخصياتهم مهزوزة، لا تلمس فيهم الرجولة، يطيلون شعورهم كالإناث، يتمايلون وهم يمشون، فإنما رأيت أحد نتائج السفر إلى بلاد الكفار. قال الله تعالى: يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون إنها أيها المسلمون ناراً محرقة، أنقذوا أنفسكم، وأنقذوا معكم ذويكم، الذين تزعمون أنكم تحبونهم، أنسيتم أنكم تتقلبون في نعم الله صباح مساء، ثم أتظنون أن هذا سيدوم لكم، كلا والله، كل هذا سيترككم يوماً ما، حتى تعودوا حفاة عراة في حفرة مظلمة، يملأ التراب أفواهكم، عندها تتمنون ولو لحظة واحدة، أن تعودوا إلى الدنيا، فتنفقوا شيئا من هذا المال في سبيل الله، لكن بعد فوات الأوان. فاتقوا الله عباد الله أطيعوا أمره، واجتنبوا نهيه، واستغفروه من الذنوب والخطايا إنه هو الغفور الرحيم.

بارك الله لي ولكم. . .

الخطبة الثانية

أما بعد:

ومن مفاسد السفر إلى تلك البلاد الكافرة، أن المسلم لا يستطيع أن يظهر دينه كما أمره الله، وذلك لأنه ضعيف الشخصية أصلا، وإلا لو كان رجلا لأظهر دينه بقوة هناك، هل من يذهب إلى هناك لديه شعور بأنه يحمل ديناً عظيماً يشتمل على كل معاني الخير، صحة في الاعتقاد، ونزاهة في العرض، واستقامة في السلوك، وصدقا في المعاملة، وترفعا عن الدنايا، وكمالاً في الأخلاق؟ هل من يسافر إلى هناك لديه شعور بأن ما عدا الإسلام فهو انحطاط وهبوط ونزول وسفول إلى مهاوي الرذيلة ومواطن الهلاك؟ أم أن الغالب يذهب بشعور الإعجاب بالغرب والانبهار بما عندهم لذا تجده من هنا يغير ملابسه، ويتشبه بهم حتى لا يعرف هناك بأنه مسلم، والأمرّ من هذا أنه يجبر نساءه بالتكشف، نعوذ بالله من الخذلان.

ومن مفاسد هذه الأسفار، إنها لم تعد سراً، الجار يعلم عنها، وزملاء العمل، حتى من في الدول الأخرى، أصبحوا يعرفون بأن أثرياء دول الخليج هذا ديدنهم، فماذا تتصورون أن يقع في نفوس الفقراء المحتاجين، سواء القريبين أم البعيدين ممن لا يصلهم شيء من هؤلاء الأثرياء حتى ولا الزكاة المفروضة. بل قل ما هو موقف بعض مسلمي العالم ممن يبادون إبادة جماعية وتحتل أراضيهم وتنتهك أعراضهم، ويسحقون كالبهائم والعياذ بالله، وربما جلس الواحد منهم أياما بدون غذاء ولا مأوى، وهم يعلمون بأن إخوانهم في العقيدة - زعموا -، همّهم، أن تأتي الإجازة ثم تحزم الحقائب إلى بلاد الكفار، الذين هم أصلا يبيدون أولئك المسلمين، ولا يصلهم أي شيء من مساعدات أو غيرها، بل ولا يفكرون في أوضاعهم والله المستعان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام