فهرس الكتاب
الصفحة 149 من 477

كم كان جميلا، لو كان عند أغلب هؤلاء الذين يسافرون في الإجازات للخارج ويصرفون هذه الملايين أقول كم كان جميلا وحسنا - وأتحفظ على عبارة لو كان لديهم شيئا من الوطنية - وأستبدلها، لو كان لديهم ولاء لدينهم، لأن الوطنية ما هي إلا دعوة للتراب - فكم كان جميلاً أن يحركوا هذه الأموال في بلادهم، ويعملوا بها مشاريع نافعة، تعود عليهم هم شخصياً بالأرباح، وتعود على البلد بالنماء والخير والازدهار. ولكن مع كل أسف، سافروا للهوى والشيطان، وأنفقوا ما أنفقوا على ترف رخيص، وعلى بذخ في الأكل في أزهى المطاعم، والسكن في أرقى الفنادق، ونثر للمال ذات اليمين وذات الشمال، هذه واحدة. ومن مفاسد هذه الأسفار أيضا: أن فيها من المعاصي ما الله به عليم، إن أغلب تلك البلاد التي يصطاف بها الناس، بلاد تتعرى بها الأجساد المحرمة، على الشواطئ وغيرها، وتشرب فيها الخمور كالماء، وينتشر فيها الزنا انتشار النار في الهشيم، هذا كله فضلا عن الجو المادي الذي تقسو به القلوب، ناهيك عن الشبهات العقدية، والانحرافات السلوكية ناهيك أيضا عما ينتشر بين أولئك في تلك البلاد، من أمراض معدية قذرة، وأوبئة مستعصية مهلكة، فماذا يحصل هناك؟ إن أغلب المصطافين يأنسون بتلك المناظر وإلا لما ذهبوا إليها، ويعتادونها، وربما واقعوا البعض منها، ثم ينطلق المراهقون والمراهقات من الصغار والكبار، غير مصدقين ما هم فيه من فوضى وإباحية، لاسيما وقد اعتادوا في بلادهم جو المحافظة، وقطع الشهوات إلى حد ما. إضافة إلى اعتياد الأطفال على رؤية النساء العاريات، وسماع المعازف المحرمة، وتدرب المرأة على مخالطة الرجال، والجلوس في المطاعم، والتسوق بكل حرية، والاحتكاك بالأجانب، فيا لعجب المسلمين، يشهدون أن لا اله إلا الله، كيف يخلعون الكرامة، وينسلخون من الحياء، ويباشرون المعاصي وكأنها شيء مألوف، ويا لعجب لأناس قد يكونون هنا من رواد المساجد، ثم يرضى هناك أن يكون ديوثا في أهله وبناته وأولاده فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله في أنفسكم وفي أهليكم، فإن النفوس الضعيفة تألف هذه الأشياء رويداًً رويدا، إلى أن تلغ في حمئها كما يلغ الكلب في الإناء، وهي لا تشعر، فإذا أشربت النفس درجة، تهيأت للتي تليها ثم تلغ وتقع فيها، ثم تتهيأ للتي بعدها، حتى تقع في أكبر الفتن وهي لا تشعر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام