فيا سبحان الله! كيف تقضي المرأة سحابةَ عامِها كريمة معزّزةً ثمّ تسافر لتطّرح خمارها وحياءها، فاتنةً مفتَنة؟! أتقضي الفتاة ربيعَ عامها في جوٍّ مصون محافظ ثم تسافر لتبدّد حياءها وحشمتها؟! هل نحن رجالاً ونساءً في شك من ديننا؟! أولسنا على ثقةٍ من قيَمنا وثوابتنا؟! إذًا لماذا هذا الانفصام في الشخصيّة، والتناقض والازدواجية في قضايانا الاجتماعية؟!
وإنّكم لتأسفون أن يعلّق كلّ هذا على مشجب الترويح والترفيه، زعموا. ومحزُّ الصّواب أنّ هذا ضرب من خيانة الأمانةِ في التربية والتنشئة، والله - عز وجل - يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) [الأنفال: 27] .
وهؤلاء وأمثالهم في كل مكان ـ إلا من رحم الله ـ كالغراب الأعصَم، لا يعودون من أسفارهم إلا بكآبة المنظر وسوء المنقلب وندامة المعتقد الذي استعاذ منه المصطفى. لطّخوا أبصارَهم فيما حرم الله، حتى غار منها ماء الحياء وروَاؤه، وجمعوا إلى العصيان عقوقَ ازدهار الأوطان، وهل أفرز صوَرًا من الإرهاب والإخلال بأمنِ المجتمع إلا ضروبٌ من الأسفار، غيرُ منضبطة بما في الشريعة والأسفار. وللأوطان في دمِ الشرفاء الأحرار حقوق واجبة وديونٌ مستحقَّة، مما يعظِم المسؤوليةَ في رعايتها حقَّ رعايتها وتنشئةِ الأجيال على أمنها وعنايتها.
أمّة الإسلام، وأنّى تندمل جروحنا النازفةُ وشروخُنا الراعِفة وفي الأمّة من لا يبالي بدين ولا قيمٍ ولا أمن ولا ذمم، فليت شعري! أبمثل هذا تبنى المجتمعات ويشاد صرح الحضارات؟! وليت شعري! أبمثلِ هذا تعمَر الأوقات وتدوم الخيرات والبركات وتستجلَب البهجة والسعادة والمسرات؟!
أيّها المسافرون، إنّ النار حفَّت بالشهوات، فلا يكلِمنّ الشيطان دينَكم بدعوى الترفيه والاصطياف في بقاع وبيئة شائكة.
ويا بغاةَ الشرِّ كفّوا وأقصروا، وتذكّروا وازدجروا.
وإلى الذين اضطرّوا إلى السفَر وعزَموا عليه، اللهَ اللهَ من إقامة شعائر دينكم، والاستمساك بأخلاقكم، والولاء لعقيدتكم وأمّتكم في عزّةٍ وإباء، وليكن منكم في السوَيداء أنَّ دينكم وقيمَكم في الذُرى جمالاً وجلالا، وفي القمة عزّة وكمالاً، فكونوا له خيرَ سفراء، وطبّقوه خير منهاج وأحسنَ مثالاً.