وسائر أقسام العالم، ولم ينههم عن ذلك، لكن أجابهم بما هو الفرض المتعيّن على كلّ مكلّف عقلا وشرعا، والتفقّه في الدين يكون بالطّب والسّؤال.
واحتجّ إمام الهدى أبو منصور الماتريديّ بجواز المناظرة لإظهار الحقّ، ودحض الباطل، ودفع شبهات المتطلّب بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258] ، فأخبر أن إبراهيم حاّجّ ذلك اللعين حتى قطعه، فدلّ ذلك على جواز المناظرة لإظهار الحق ودفع شبهات الباطل.
وما سبق ذكره من النهي المرويّ عن المماراة فهو على نحو ما تقدّم بيانه.
وأما قولهم: (ولا نجادل في القرآن) .
قال أبو حفص الغزنويّ: قيل: أرادوا بهذا أي: لا نشتغل في القرآن بتأويل أله الزيغ ابتغاء الفتنة حملا على التشبيه، والتمثيل، والقول بالجارحة.
وأما قولهم: (ونعلم أنه كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين) .
قال القاضي أبو حفص الغزنوي: إنما قالوا هذا حسما لفساد قول القرامطة أنّ القرآن وُجد بإلهام غريزيّ طبيعيّ، والدليل على بطلان ذلك قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 192، 193] ، وقوله تعالى: وَلَا تَعْجَلْ