فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 143

والقديم لا يجوز عليه التغير.

وأما العرض فخاصّيّته أن لا يقوم بنفسه، ويستحيل بقاؤه، ويتعالى صانع العالم أن يكون كذلك، إذ هو قائم بذاته، وبتكوينه قامت الجواهر، والأجسام حاملة للأعراض.

وأما قولهم: (ولا يثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام) ، فلأن الإسلام هو دين الله عز وجل الذي يعبده عباده، وبعث لأجله الأنبياء والمرسلين، وأنزل الكتب السماويّة، وهو في الحقيقة جعل كليّة الأشياء لله تعالى، سالمة لا شريك له فيها في ملك ولا إنشاء ولا تقدير.

ثم الإسلام والإيمان واحد عندَهم، أعني أبا حنفية وأبا يوسف ومحمّدا وسائر المحقّقين، لأن الإيمان هو التصديق لله تعالى بالربوبيّة، بشهادة كليّة الأشياء لله تعالى، بأنه خالقها وربّها، على ما هي عليه من آثار الحدثية، فالمسلم هو الذي جعل الأشياء كلّها سالمة لله تعالى، والدّليل على أنه واحد قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] ، قاموا لله تعالى بالإسلام في جميع ما أمر بالإيمان به، وقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 35، 36] ، فعبّر بالإسلام عمّن عبر عنهم بالإيمان، والذين سمّاهم مسلمين هم الذين سماهم مؤمنين، فكان الإسلام والإيمان في التحقيق واحدا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام