فهرس الكتاب
الصفحة 41 من 143

فبفضله، ومن أخزاه فبعدله، وذلك كلّه على ما بسق في علمه في الأزل، وعلى هذا إجماع الأمّة الهادية، فلا يقالْ: لم كان ذلك؟ لأنّ ذلك معارضة في الربوبيّة، وذلك بالطل من العبد مع الرب تعالى، على ما قال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] ، فأولياؤه يستحقّون الكرامة لوجود الهداية والاعتقاد الصحيح مع العصمة عند الابتلاء المظهر لصدق عقيدتهم، والأعداء يستحقّون الهوان لعدم الهداية لتركهم التّديّن بالحقّ عند الابتلاء المظهر لخبث عقيدتهم وخلافهم للحقّ على ما سبق في علمه في الأزل أنه يوجد ذلك عن اختيار منهم.

(وأما قولهم: لا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه) .

قال أبو حفص الغزنويّ: أرادوا بهذا قضاء التكوين الذي لا يقدر العبد على ردّه. وقال سيف الحق أبو المعين في فصل القضاء: وإذا ثبت أن الله تعالى هو الذي خلق الأفعال ثبت أنه تعالى قضى بكونها، وقدّرها على ما هي من حسن وقبح، ثم القضاء يذكر؛ ويراد به الحكم، يقال: قضى القاضي على فلان، أي: حكم عليه، ويراد به الأمر، كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23] ، أي: أمر ربك، ويذكر؛ ويراد به الفراغ، يقال: قضيت كذا، أي: فرغت منه، ويذكر؛ ويراد به الفعل، وهو المراد به في المسألة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام