الآخرة، بل هو الأوّل بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء.
وأمّا قولهم: (لا يفنى ولا يبيد) .
قال القاضي أبو حفص الغزنويّ: جمعوا بين اللّفظين تأكيدا لدوامه وبقائه، فأرادوا بنفي الفناء نفي تلاشي الذّات، وأرادوا بالثاني نفي بطلان الحياة، إذ تلاشي الذّات وبطلان الحياة محال في صفات الله تعالى لقدمه الثابت بغير علّة، إذ هو واجب الوجود لذاته؛ فهو واجب البقاء لذاته.
وأما قولهم: (ولا يكون إلا ما يريد) .
قال الغزنويّ في شرحه، والنسفيّ في أصوله: إنما قالوا ذلك لأنّ كل موجود سواه فهو بتخليقه وتكوينه وإرادته؛ فلا يكون لغيره إيجاد شيء، إذ لا خالق غيره، ولا موجد سواه.
وأمّا قولهم: (لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام) .
قال القاضي أبو حفص الغزنويّ: الوهم هو ما يرجى كونه، والفهم هو ما يحصّله العقل ويحيط به، والله عزّ وجل ليس بذي كيفية فينطبع في الأوهام، وليس بذي حدّ فيبلغ العقل غايته، بل هو متعال عن أن يحيط به شيء، إذ المحيط أشرف من المحاط به، والقديم يرتفع عن إحاطة شيء به، قال الله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110] .