فكونه سبحانه البارئ وحده برهان جلي على وجوب توحيده وإفراده بالعبادة، وكذلك كونه سبحانه المصور وحده برهان على وجوب توحيده وإخلاص الدين له.
قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [غافر: 64 - 65] . وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران: 6] .
ولهذا حرَّم سبحانه على عباده تصوير ذوات الأرواح لما فيه من مضاهاة لخلق الله، ولما فيه من فتح لأبواب الشرك والضلال.
ففي"الصحيحين"عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أشدَّ الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصوِّرون" (1) .
وفيهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" (2) .
وفيهما من حديث أبي هريرة:"يقول الرب سبحانه:"ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" (3) ."
وفيهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم" (4) .
وفي هذا الحديث الأخير بيان لصفة تعذيب المصور يوم القيامة بأنه يكلف نفخ الروح في الصورة التي صورها وهو لا يقدر على ذلك فيستمر تعذيبه.
(1) "صحيح البخاري" (رقم: 5606) ، و"صحيح مسلم" (رقم: 2109) .
(2) "صحيح البخاري" (رقم: 5610) ، و"صحيح مسلم" (رقم: 2107) .
(3) "صحيح البخاري" (رقم: 5609) ، و"صحيح مسلم" (رقم: 2111) .
(4) "صحيح البخاري" (رقم: 5607) ، و"صحيح مسلم" (رقم: 2108) .