فهرس الكتاب
الصفحة 88 من 335

الأول: كمالُ غنى الربِّ سبحانه، فهو القائم بنفسه، الغنيُّ عن خلقه، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر: 15] .

وفي الحديث القدسيّ:"إنكم لن تبلغوا ضَرِّي فتضروني، ولن تبلُغُوا نفعي فتنفعوني"رواه مسلم (1) .

وغناه سبحانه عن خلقه غنىً ذاتيٌّ لا يحتاج إليهم في شيء، غنيٌّ عنهم من كلِّ وجه.

الثاني: كمال قدرته وتدبيره لهذه المخلوقات، فهو المقيم لها بقدرته سبحانه، وجميع المخلوقات فقيرة إليه، لا غنى لها عنه طرفة عين، فالعرش والكرسي والسموات والأرض، والجبال والأشجار، والناس والحيوان؛ كلها فقيرة إلى الله عز وجل، قال الله تعالى: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ) [الرعد: 33] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر: 41] ، وقال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [الروم: 25] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

فهو سبحانه المتصرِّف في جميع المخلوقات، المدبِّر لكل الكائنات.

ومما تقدَّم يُعلم أن هذين الاسمين"الحيّ القيوم"هما الجامعان لمعاني الأسماء الحسنى، وعليهما مدار الأسماء الحسنى، وغليهما ترجع معانيها جميعها؛ إذ جميع صفات البارئ سبحانه راجعة إلى هذين الاسمين.

فالحيُّ: الجامع لصفات الذّات، والقيوم: الجامع لصفات الأفعال، فالصفات الذاتية كالسمع والبصر واليد والعلم ونحوها راجعة إلى اسمه"الحي"، وصفات الله الفعلية كالخلق والرزق والإنعام والإحياء والإماتة ونحوها راجعة إلى اسمه القيُّوم؛ لأن من دلالته أنه المقيم لخلقه خلقاً ورزقاً وإحياءً وإماتةً وتدبيراً، فرجعت الأسماء الحسنى كلُّها إلى هذين الاسمين، ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنها اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.

(1) في"صحيحه" (رقم: 2577) وهو طرف من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام