فهرس الكتاب
الصفحة 8 من 335

الآفات إليه أسرع شيء.

فاحمل بنيانك على قوَّة أساس الإيمان، فإذا تشعث شيء من أعالي البناء وسطحه كان تداركه أسهل عليك من خراب الأساس.

وهذا الأساس أمران: صحَّة المعرفة بالله وأمره وأسمائه وصفاته، والثاني: تجريد الانقياد له ولرسوله دون ما سواه.

فهذا أوثق أساس أسَّس العبدُ عليه بنيانه، وبحسبه يعتلي البناء ما شاء" (1) ."

ولذا كثرت الدلائل في القرآن الكريم المرسِّخةُ لهذا الأساس المثبِّتةُ لهذا الأصل، بل لا تكاد تخلو آية من آياته من ذكرٍ لأسماء الله الحسنى وصفاته العليا؛ مما يدل دلالة واضحة على أهميةِ العلم بها والضرورة الماسَّة لمعرفتها، وكيف لا يتبوَّء هذه المكانة المنيفة وهو الغاية التي خُلِق الناسُ لأجلها وأُوجدوا لتحقيقها، فالتوحيد الذي خلق الله الخلق لأجله نوعان:

توحيد المعرفة والإثبات، وهو يشمل الإيمان برُبوبية الله والأسماء والصفات.

وتوحيد الإرادة والطلب، وهو توحيد العبادة.

دلَّ على الأوَّل قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) [الطلاق: 12] .

ودلَّ على الثاني قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56] .

في الأولى خَلَق لتعلموا، وفي الثانية خلق لتعبدوا، فالتوحيد علم وعمل.

وجاء في القرآن آيات كثيرة فيها الأمر بتعلم هذا العلم الشريف والعناية بهذا الأصل العظيم.

قال الله تعالى: (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: 209] ، وقال: (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: 231] ، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة:

(1) "الفوائد" (ص/175) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام