وكلُّ هذا عملٌ محدثٌ لا دليل على مشروعيته، وقد سبق بيان أن الإحصاء لها يكون بحفظها وفهم معانيها ودعاء الله بها دعاء العبادة ودعاء المسألة.
وقد يغلُو بعضُ الناس في هذا الباب فيزعمون أن لكلِّ اسمٍ من أسماء الله الحسنى خواصَّ وأسراراً تتعلَّق به، وأن لكلِّ اسم خادماً روحانياً يخدم من يواظبُ على الذِّكر به، ويزعم بعض مَن سارُوا في هذا الطريق أنهم يكشفون بأسماء الله أسرار المغيَّبات والخافي مِنَ المكنونات، ويزعم بعضهم أن عنده اسم الله الأعظم يفتح به المغلقات ويخرق به العادات ويكون له به من الخواصِّ ما ليس لغيره.
وهذا فتحٌ لباب الخرافة على مصراعيه، بل إن كثيراً من السحرة والمشعوذين دَخلُوا من هذا الباب كيداً للناس وتحصيلاً للمطامع ونشراً للشرِّ، زاعمين أنهم يُسَخِّرُون غيرهم ويؤثِّرون فيهم، ويعلمون المستور مِنَ الأخبار بما اطلعوا عليه وعرفوه من أسماء الله الحسنى، وكل ذلك مِن الكذب البيِّن والافتراء الواضح، ومِنَ الاستخفاف بالعوام والجهال، ومِن القول على الله وفي دين الله بلا حُجَّة ولا بُرهان بل بالإفك الواضح والبهتان.
ومن الأخطاء في هذا الباب أن يتوجه العبد في ندائه أو عبادته إلى الاسم نفسه، فهذا من الخطأ؛ إذ لا يجوز لأحد أن يقول: عبدت اسم ربي، أو سجدت لاسم ربي، ولا أن يقول: يا اسم ربي ارحمني، ولهذا لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى: 1] ، وقوله: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة: 74] امتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بقوله في سجوده: سبحان ربي الأعلى، وبقوله في ركوعه: سبحان ربي العظيم.
كما أن من الخطأ أيضاً أن يتوجَّه في الدعاء إلى الصفة نفسها كأن يقول: يا رحمة الله أو يا مغفرة الله أو يا عزَّة الله أو يا وجه الله أو يا يد الله أو نحو ذلك، فكل ذلك من الخطأ؛ لأن الدعاء إنما يصرف لمن اتصف بها وهو الله سبحانه وتعالى.
ومن الأخطاء في هذا الباب التعبيد بالاسم لغير الله، كعبد النبي أو عبد الكعبة وعبد عمر ونحو ذلك، وقد اتفق العلماء رحمهم الله على تحريم ذلك؛ لأنه شركٌ في الرُّبوبيَّة والألوهية؛ فإنَّ الخلق كلَّهم ملكٌ لله وعبيدٌ له، تفرَّد سبحانه بخلقهم وإيجادهم، وخَلَقَهُم ليُفرِدُوه وحده بالعبادة.