فهرس الكتاب
الصفحة 34 من 335

إلى ضلالات بدعيةٍ أو أهواء رديَّة، فحازوا بسبب ذلك الرتب السَّنيَّة والمنازل العَليَّة في الدنيا والآخرة، فسننُهم أبين، وطريقُهم أقوم، وهديهم أرشد، بل هو الحقُّ الذي لا حقَّ سواه والهدى الذي ليس بعده إلا الضلال.

ومنهجهم في هذا الباب قائمٌ على أصلين عظيمين وأساسيين متينين هما: الإثبات بلا تمثيل، والتنزيه بلا تعطيل، فلا يمثِّلون صفات الله بصفات خلقه كما لا يمثِّلون ذاته سبحانه بذواتهم، ولا ينفون عنه صفات كماله ونعوت جلاله الثابتة في كتابه وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهذا الإيمانُ يعدُّ أصلاً من أصول الإيمان الراسخة وأساساً من أُسُسه العظيمة التي لا إيمان لمن لم يؤمن بها، فمن جَحَد شيئاً من أسماء الله وصفاته ونفاها وأنكرها فليس بمؤمن، وكذلك من كيَّفها أو شبّهها بصفات المخلوقين، سبحانه الله عما يصفون وتعالى الله عما يقول الظالمون.

قال نعيم بن حماد رحمه الله:"من شبَّه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيه" (1) .

وقال الإمام أحمد رحمه الله:"لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث" (2) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله:"ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله أو صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يُسلَّم له ولا يناظر فيه" (3) .

(1) رواه اللاَّلكائي في"شرح الاعتقاد" (رقم: 936) .

(2) "مجموع الفتاوى"لابن تيمية (5/ 26) .

(3) "جامع بيان العلم وفضله" (2/ 943) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام