وأسماء الله إنما كانت حسنى لكونها قد دلّت على صفاتِ كمالٍ عظيمةٍ لله، فما كان من الأسماء علماً محضاً لا يدل على صفة لم يكن من أسماء الله، وما كان منها ليس دالاً على صفات كمال بل إما دالاً على صفات نقص أو صفات منقسمة إلى المدح والقدح لم يكن من أسماء الله، فأسماء الله جميعها توقيفية دالَّةٌ على صفات كمال ونعوت جلال للرَّبِّ تبارك وتعالى، فهي حسنى باعتبار معانيها وحقائقها لا بمجرد ألفاظها؛ إذ لو كانت ألفاظاً لا معاني فيها لم تكن حسنى، ولا كانت دالة على مدح وكمال، ولَسَاغ وقوعُ الأسماء الدالة على البطش والانتقام والغضب في مقام الأسماء الدالة على الرحمة والإحسان، وبالعكس، فيقال: اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك شديد العقاب، أو اللهم أعَطِنِي فإنَّك أنت القابض المانع، ونحو ذلك من الكلام المتنافر غيرِ المستقيم.
ولهذا؛ فإنَّ كلَّ اسم من أسماء الله دالٌّ على معنى من صفات الكمال ليس هو المعنى الذي دلَّ عليه الاسم الآخر، فالرحمن - مثلاً- يدلُّ على صفة الرحمة، والعزيز يدلُّ على صفة العزَّة، والخالق يدلُّ على صفة الخلق، والكريم يدلُّ على صفة الكرم، والمحسن يدلُّ على صفة الإحسان، وهكذا، وإن كانت جميعُها متفقةً في الدلالة على الربِّ تبارك وتعالى، ولذا فهي من حيث دلالتها على الذات مترادفة، ومن حيث دلالتها على الصفات متباينة، لدلالة كل اسم منها على معنى خاص مستفاد منه.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:"أسماء الرب تبارك وتعالى كلُّها أسماء مدح، ولو كانت ألفاظاً مجردة لا معاني لها لم تدل على المدح، وقد وصفها الله سبحانه بأنها حسنى كلها فقال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 180] ، فهي لم تكن حسنى لمجرَّد اللفظ بل لدلالتها على أوصاف الكمال."
ولهذا لما سمع بعض العرب قارئاً يقرأ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ) [المائدة: 38] "والله غفور رحيم"قال: ليس هذا بكلام الله تعالى، فقال القارئ: أتكذِّب بكلام الله تعالى؟! فقال: لا، ولكن ليس هذا