(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [البقرة: 196] ، وقال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [البقرة: 203] ، وقال تعالى: (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: 209] .
وإذا علم العبد بجلال الله وعظمته وعُلُوِّه على خلقه ذاتاً وقهراً وقدراً فإنَّ هذا يثمرُ له الخضوع والاستكانة والمحبة وجميع أنواع العبادة، قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [الحج: 62] ، وقال تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة: 255] ، وقال: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر: 67] .
وإذا علم العبد بكمال الله وجماله؛ أوجبَ له هذا محبَّةٌ خاصَّةً وشوقاً عظيماً إلى لقاء الله،"ومن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه"متفق عليه (1) ، ولا ريب أن هذا يثمر فيا لعبد أنواعاً كثيرةً من العبادات، ولهذا قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110] .
وبهذا يُعلَم أن العبوديَّة بجميع أنواعها راجعة إلى مقتضيات الأسماء والصفات، ولهذا فإنه يتأكَّد على كل عبد مسلم أن يعرف بَّه ويعرف أسماءه وصفاته معرفة صحيحة سليمة، وأن يعلم ما تضمنته وآثارها، وموجبات العلم بها، فبهذا يعظم حظُّ العبد، ويكمل نصيبه من الخير.
إن المؤمن الموحِّد يجد بإيمانه ويقينه بأسماء ربه الحسنى وصفاته العليا الدالة على عظمة الله وكبريائه وتفرده بالجلال والجمال ما يجذبه إلى اجتماع همه على الله حباً وتذلُّلاً، خشوعاً وانكساراً، رغباً ورهباً، رجاءً وطمعاً، وتوافر همته في طلب رضاه باستفراغ الوسع في التقرب إليه بالنوافل بعد تكميل الفرائض، والتوفيق والرشد بيد الله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا حول ولا قوَّة إلا به عز وجلَّ.
(1) رواه البخاري (رقم: 6508) ، ومسلم (رقم: 2686) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.